الخميس، 29 أكتوبر 2009

المعايير الجغرافية للمساحات الخضراء والحدائق ونظم تصميمها

د.محمد عرب الموسوي
كلية الآداب بزواره - جامعة السابع من ابريل
مقدمة:
تعد المدينة المجتمع الأكثر ازدحاما بالسكان من التجمعات البشرية المجاورة لها، ويرغب الكثير من سكان العالم السكن والاستقرار الدائم في المدن ولعل من ابرز أسبابه هو طبيعة النظام الخدمي الذي تقدمة المدينة لسكانها بشكل منتظم، إذ يشمل هذا النظام جميع المؤسسات الخدمية (الأساسية، العامة، المجتمعية... الخ) والتي تكوّن بنية المدينة الخدمية من مؤسسات إدارية واقتصادية وصحية وسكنية وترفيهية، وغيرها من القطاعات الخدمية الأخرى والتي تجعل من ارض المدينة البيئة الأكثر تطلعا لاحتياجات الإنسان المعاصرة.
ويمكن القول أن الوظيفة السكنية هي أول نشاط بشري استقراري مارسه الإنسان لتكوين المدن والأنظمة الحضرية المختلفة، فحاجة الإنسان إلى المسكن جعلته يفكر في إقامة بيئات مختلفة منها ريفية وأخرى حضرية وبحكم تطلعه إلى اختيار نوعية السكن المناسب له ،استطاع أن يحقق هذا النمط السكني داخل المدن مستفيدا من مبدأ التجاور السكاني المتوفر في بيئة المدن، فسكان المدن يعتمد بعضهم على خدمات وخبرات البعض الآخر دون أن يشعروا بذلك، واستفادت المدينة هي الأخرى من هذا التفاعل في تكامل بيئتها الحضرية والوظيفية والتخطيطية، فمبدأ الحاجة الماسة للخدمة جعل من أنظمة استعمالات الأرض داخل المدينة تأخذ مواقع مختلفة وجديدة وتحاول من خلالها خدمة سكان المدينة والإقليم معا.
ومع التزايد المستمر في عدد السكان وكثرة وسائل النقل والمواصلات وكثرة المصانع والتوسع الرأسي والأفقي في الإسكان أصبحت الحاجة ملحة إلى التوسع في المساحات الخضراء، فأي مدينة بدون حدائق ليست ذات قيمة، فالحدائق بأشجارها وشجيراتها وأزهارها ومسطحاتها الخضراء مع توفر أماكن اللعب للأطفال والكبار تمثل وجه وشخصية أي منطقة سكنية.(1)
فالخضرة تؤدي إلى حماية البيئة من التلوث مما يؤثر على الناحية الصحية للمواطنين وكذلك توفير التظليل ورفع رطوبة الجو وتنقيته وتقليل الضوضاء وتعديل الحرارة بجانب أنها تؤدي وظائف تخطيطية حيث تعمل على تحديد المدن والمناطق السكنية والفصل بين المرافق المختلفة بجانب تجميل وتنسيق الميادين وكذلك مناطق الراحة والمصحات وغير ذلك.
وقد أخذ القائمون على المدن إعداد الدراسات في مجال التشجير والحدائق ووضع التصاميم والمعايير التخطيطية لإنشائها وتصميمها وتنسيقها وتحديد أنواعها ، بالإضافة إلى توضيح أهمية استثمار الحدائق والمنتزهات العامة.(2)كما يعد استخدام النباتات في المخططات العمرانية عملية عقلانية يندمج فيها ويرتبط بها، شكل الأرض , النبات , العمران، لإعطاء منظر جذاب ينعكس على الموقع وما يحيط به ويلطف الطقس في البيئة المحلية ويلبي حاجة الإنسان الترفيهية والترويحية , فالتحضر العمراني يؤدي دوراً هاماً ومؤثراً على صحة الإنسان من حيث دوره في جودة الهواء والماء والتربة .
والحدائق هي رابط قوي بين الإنسان ومحيطه , لأنه بحاجة إلى وجود مكان تهدأ فيه نفسه وتطمئن إليه أحاسيسه ووجدانه ويستريح فيه ويأنس بجماله ويعوضه الكثير من عناء ومشقة عمله.
وقد تمخضت التجربة الإنسانية للاستفادة من الرقعة الخضراء بالحيز العمراني في العديد من النواحي منها،تحسين شكل المدينة عن طريق استخدام الأشجار في تغطية الوحدات السكنية غير المخططة أو المباني المتهالكة المتمركزة في قلب المدن ، علاوة على إظهار موضع جمال التصميمات المعمارية وتحقيق طلب السكان في الترويج عن النفس والترفيه في الحدائق العامة ، إضافة لما للحدائق من دور في تحسين الأحوال البيئية والصحية للمنطقة ، كما يستفاد من الأشجار والمساحات الخضراء في المجالات التعليمية والتثقيفية والحفاظ على الأنواع النادرة من الانقراض وذلك عن طريق إنشاء الحدائق النباتية التي لا يتنافر تصميمها مع التخطيط العمراني .
- الدراسة:
وعلى هذا المنحى يتساءل الباحث عن جملة أمور في هذا الصدد تتطلب الإجابة عليها:
1-كيف يتم تنسيق الحدائق والمتنزهات العامة.
2- ماهي نظم تصاميم الحدائق.
3- ماهي طبيعة المناطق المحاذية لتصميم المدينة الأساسي، وماهي معايير إستغلاله عند توسع المدينة مع الأخذ بمنظور المساحات الخضراء.
4- ماهي ضوابط التشجير داخل الحيز العمراني.
5-هل تعد حدائق وأشجار مدينة دبي نموذجا تطبيقياً.
6- واخيراً يتم التساءل عن الانعكاسات الاجتماعية والنفسية والصحية والترفيهية والسياحية للنطاقات الخضراء داخل المدينة وشكلها المنظم.
أولاً- تصميم وتنسيق الحدائق والمتنزهات العامة:
تعد الحدائق والمنتزهات العامة من أساسيات تخطيط المدن الحديثة التي يعمل على إنشائها لتكون مرافق عامة للنزهة وقضاء أيام للراحة والإجازة للسكان والترفيه عنهم، ويخصص في هذه الحدائق أو المنتزهات أماكن لممارسة بعض الألعاب الرياضية مثل المشي والجري وأماكن للعب الأطفال ومناطق للجلوس والاستراحات وغيرها من وسائل الترفيه.
وللعوامل للجغرافية دوراً مهماً في زيادة الرقعة الخضراء في المدن العربية , حيث يتصف الوطن العربي عامة بوقوع معظم مساحاته في بيئات جافة وشبه جافة , حيث تتلقى حوالي 66.5% من مساحته هطولاً سنوياً يقل عن 100ملم وحوالي 16% من مساحته هطولاً يتراوح بين 100- 300ملم بينما تتلقى 17.5% من مساحته هطولاً سنوياً يزيد عن 300 ملم ، ويتميز هذا الهطول بالتباين السنوي الواضح في كمية الأمطار خاصة في المناطق التي يكون معدل الأمطار السنوي منخفضاً, وسوء التوزيع في الهطول وتباين الكمية في الموسم الواحد.
من جانب آخر تلعب المرتفعات الكائنة داخل هذه الأقاليم دوراً كبيراً في التأثير على المناخ , حيث الارتفاع عن سطح البحر ومواجهة هذه المرتفعات للبحر وللرياح القادمة منه تؤدي إلى زيادة معدلات هطول الأمطار في تلك المناطق مما يساعد في تكوين بيئة تختلف عن البيئة السائدة في ذلك الإقليم(3)، إضافة إلى تأثير الأرتفاع في انخفاض درجات الحرارة مما يؤدي إلى ظهور أكثر من نطاق بيئي مع الارتفاع لنفس الموقع.
ثانيا- نظم تصاميم الحدائق:
1-التصميم الهندسي أو المنتظم : يتميز هذا النظام بالخطوط الهندسية المستقيمة التي تتصل ببعضها بزوايا أغلبها قائمة وقد تكون أحيانا خطوط دائرية أو بيضاوية أو أي شكل هندسي متناسب مع معالم الأرض كما في بعض الطرق أو أحواض الزهور، مع مراعاة التناسب بين طول وعرض الطرق والأرصفة ومساحة الحديقة، ويلاءم هذا النظام الحدائق المقامة على مساحات صغيرة كما يلائمه النافورات والأحواض ودوائر الزهور في أوضاع مركزية.
وفي النظام الهندسي المتناظر تلتزم أوجه الحديقة المختلفة أن تتمشى مع بعضها في تشابه متكرر حول المحور الرأسي الذي يخترق الحديقة ويقسمها إلى نصفين متماثلين وتكون أحواض الزهور على جانبي هذا المحور بشكل متوازي متناظر ، كما يمكن تقسيم الحديقة إلى نصفين متشابهين بأكثر من محور واحد تمر كلها بمركز التصميم، كما أن للنظام الهندسي المتناظر عدة أوجه منها:
أ- التناظر الثنائي: هو نظام هندسي تتكرر فيه وحدة التصميم ( حوض الزهور، شجرة، مقعد،…الخ) على جانبي المحور الأساسي ويمكن تنفيذه في المداخل وفي المساحات الصغيرة.
ب- التناظر المضاعف: هو نظام هندسي تتكرر فيه وحدة التصميم عدة مرات على جانبي المحور الأساسي أو المحاور الثانوية ويمكن استخدامه في المساحات المتوسطة أو الكبيرة التي تدعو الضرورة إلى تصميمها بالنظام الهندسي.
ج- التناظر الدائري أو البيضاوي: هو نظام هندسي تتكرر فيه أجزاؤه بشكل دائري أو بيضاوي حول وحدة دائرية أو بيضاوية في وسط الحديقة ويمكن أن يكون ثنائياً أو مضاعفاً ، ويمكن إتباعه في الميادين العامة ذات الشكل الدائري أو في الحدائق التي تتوسطها نافورات أو تماثيل أو أي مجسمات بنائية.
د- التناظر الشعاعي: هو نظام هندسي تتكرر فيه أجزاء الحديقة بحيث تكون جميعها خارجة من مصدر دائري أو بيضاوي واحد ولا تزيد هذه الأجزاء عن عشرة ، ويتبع هذا النظام في حدائق الميادين العامة وفي الحدائق الصغيرة.
ولهذا النظام عيوب عديدة منها، يحتاج إلى إقامة عدد من الطرق والمشايات مما يقلل المساحة المزروعة وبالتالي يصعب تنفيذ التناظر في الحدائق صغيرة المساحة،علاوة على قلة تنوع النباتات في الحدائق المتناظرة لأنه في هذا النظام يستلزم تشابه مجموعة النباتات المزروعة على الجانبين وتكرارها، كما يحتاج النظام المتناظر إلى عناية ودقة في عمليات الصيانة مما ينتج زيادة في الجهد والتكاليف.
2- التصميم الطبيعي : في هذا النظام تراعى ظروف الطبيعة بقدر الإمكان ولاستخدم الأشكال الهندسية كما يتناسب مع المساحات الكبيرة ويتميز بان الطرق والمشايات تكون منحنية بشكل طبيعي و يفضل ألا تبرز نهاية الطريق،على أن لاتزرع الأشجار والشجيرات في صفوف أو على أبعاد متساوية.
يتميز هذا التصميم بوجود مساحة كبيرة ومكشوفة من المسطحات الخضراء وسط الحديقة وتصمم أحواض الزهور بشكل غير منتظم وتزرع الأشجار والنباتات العشبية المزهرة في مجموعات وعلى مسافات غير منتظمة ويراعى التقليل من النباتات المزروعة إلى المسطح الأخضر بقدر الإمكان، ويفضل عدم إقامة أحواض الزهور في وسط الحديقة ووسط المسطح الأخضر ، على أن توضع في نهاية الحديقة أو على الحواف تحت الأشجار والشجيرات ولا تحدد أشكالها بخطوط مستقيمة أو هندسية،وتصنع منشآت الحديقة مثل المقاعد الجلوس من المواد الطبيعية كأغصان الأشجار وفروعها أو تصنع من الحجارة ذات الأشكال غير المنتظمة.
3- التصميم المزدوج : هو طراز خليط بين النظامين الهندسي والطبيعي في مساحة واحدة مع العناية بالأشكال الهندسية والمحافظة على المناظر الطبيعية، وفيه ميل واضح إلى إقامة المنشآت المائية الهندسية تتوسطها النافورات وكذلك التماثيل والأكشاك والمقاعد التي تعمل من خشب الأشجار وفروعها أو من الحديد وبأشكال هندسية منتظمة ، وتنشأ المسطحات الخضراء على مستويات مرتفعة ومنخفضة وتركها مكشوفة دون تحديد لحوافها ويعمل على الإكثار من المجموعات الشجيرية في الأركان وفي حواف الحديقة وكذلك زراعة أكثر من نموذج فردي أو نماذج لها صفات تصويرية خاصة بطريقة عشوائية في أجزاء الحديقة المختلفة.(4)
4- التصميم الحديث (Modern Style) :هو نظام بسيط لا يتقيد بقواعد التنسيق المعروفة مثل المحاور والتماثل وغيرها وتوزع فيه النباتات بأعداد قليلة كنماذج فردية لها صفات مميزة ويجمع هذا النظام بين جمال الطبيعة والصور أو الأشكال الهندسية بصورة غير متماثلة ، والفكرة الرئيسية في هذا النظام هي تحرير الخطوط الهندسية من حدتها وتحويلها إلى أشكال مبسطة ، واستخدام أقل عدد من النباتات ذات الصفة التصويرية الخاصة ، وتميل التصميمات الحديثة إلى البساطة والبعد عن التعقيد وتقليل تكاليف الخدمة الزراعية، وأدخل مهندسو الحدائق الكثير من المواد في التصميم كالخشب والخرسانة والمعادن والزجاج وعملوا لها أشكالاً عديدة تختلف عما هو موجود في الحدائق القديمة والتي كانت تستخدم الحجر المنحوت، كما كان لتطور هندسة البناء أثره على تطور الحدائق وتصميمها واستخدام النباتات كمادة حية يتوافق مظهرها وشكلها مع المنشآت الأخرى في الحديقة.
ثالثاً- التشجير داخل المدن:
أ-أسس التشجير داخل المدن:
1- ملائمة النباتات للظروف البيئية المحلية :تتأثر معظم الدول العربية بعوامل مناخية متعددة عالمية وإقليمية ومحلية ،كإتساع الصحاري الداخلية وإمتداد العروق الرملية ، وإرتفاع درجات الحرارة إلى أكثر من 45 درجة مئوية في فصل الصيف خصوصا في المناطق الداخلية ، بالإضافة إلى الجفاف وقلة مياه الأمطار والينابيع والآبار، وإنخفاض الرطوبة إلى حد كبير ، وقلة خصوبة التربة وإرتفاع نسبة الأملاح فيها وإفتقارها إلى المادة العضوية بالإضافة إلى سرعة الرياح وما تثيره من غبار محدثة العواصف الرملية.
ونتيجة للدراسات والبحوث والتجارب التي أجريت على أنواع النباتات المحلية والمدخلة لإختيار الأنواع التي تتلائم مع الظروف البيئية المحلية والقادرة على التحمل والتكيف مع البيئة الصحراوية الجافة ، قد تم التوصل إلى العديد من أنواع وأصناف الأشجار التي تزرع تحت الظروف البيئية للمنطقة وتشمل الأشجار المحلية والأشجار التي تتأقلم مع الظروف البيئية المحلية التي تزرع فيها وخاصة من حيث التغير في درجات الحرارة والجفاف والملوحة، ومنها الكافور ، الأكاسيا ، الكازوارينا ، النخيل ، الدوم ، السدر ، الأثل ، العرعر ، الفيكس ، السنط.
2- مواصفات الأنواع الشجرية الملائمة للبيئة المحلية: ينبغي معرفة الظروف البيئية للمنطقة المراد زراعتها ، وذلك لإختيار الأنواع النباتية المناسبة والملائمة زراعتها تحت الظروف البيئية المحلية ، والتي تحقق أيضاً الغرض من زراعتها(للظل أو التجميل أو غيرها) وعند إختيار هذه الأشجار سواء كانت من الأنواع المحلية أو المستوردة فإنه يراعى أن تتوفر فيها الصفات التالية:تكون من الأنواع المعمرة التي لها مقدرة عالية على تحمل الظروف البيئية المحلية للمنطقة التي تزرع فيها من حيث إرتفاع وإنخفاض درجات الحرارة والجفاف والرياح والملوحة وغيرها ولها مقاومة عالية للإصابة بالآفات الحشرية والمرضية أو الديدان الثعبانية،وينبغي أن تكون سريعة وكثيفة النمو وذات تفرع غزير ولها مجموع جذري قوي متعمق وغير منتشر أفقياً حتى لا يعوق نمو النباتات الأخرى ولا يؤثر على المنشآت المجاورة،ويستحسن أن يتناسب طبيعة نموها وشكل تاجها وارتفاعها مع المكان الذي تزرع فيه والغرض من زراعتها،وان تكون شتلات النباتات بحجم وعمر مناسب عند الزراعة لضمان نجاحها وحالتها جيدة من حيث النمو الخضري والجذري وسليمة من الكسور والإصابات بالآفات،ولها القدرة على التكاثر وإنتاج وافر من البذور، ومتوفرة محلياً وتحتاج إلى أقل عناية وتكاليف ممكنة خلال فترة زراعتها ونموها.
3- وظائف زراعة النباتات واستخداماتها:
للنباتات إسهامة كبيرة في جمالية المدن وتحسين بيئتها ، وأن عدم وجود هذه النباتات يؤدي الى نتائج معاكسة وبخاصة فيما يتصل بعدم توازنها البيئي ويمكن تلخيص هذا الدور في النقاط الاتية:
أ- تقليل التلوث : تعمل النباتات على زيادة نسبة الأكسجين في الجو من خلال عملية التمثيل الضوئي التي يقوم بها النبات بإمتصاص غاز ثاني أكسيد الكربون وهو من أهم مسببات التلوث وإطلاق غاز الأكسجين وهذه العملية التي هي بداية للسلسلة الغذائية لجميع الكائنات الحية.
ب- تلطيف الجو عن طريق عملية النتح وتحسين المناخ فوجود النباتات في المكان يؤدي إلى خفض درجة الحرارة وخاصة خلال فصل الصيف .
ج- تخفيف وهج أشعة الشمس وإنبهار الأعين من الضوء الشديد، حيث تعترض أوراق الأشجار أشعة الشمس فتمتص جزء منها وتعكس البعض الآخر من الأشعة.
د- المساهمة في إمتصاص الأصوات وتخفيف حدة الضوضاء وخاصة بالأماكن المزدحمة في المدن وخلافة.
هـ- إيقاف زحف الرمال والحد من ظاهرة التصحر.
و – حماية التربة والحد من مشكلة تعرية التربة وإنجرافها بفعل عوامل التعرية كالرياح والمياه.
ز- حماية المدن من الرياح الشديدة وكسر حدتها.(5)
- الوظيفة البنائية (الهندسية): تعمل بعض النباتات على القيام بوظيفة بعض المنشآت البنائية، مثل زراعة مجموعة من نباتات الأسيجة متقاربة من بعضها لتكوين أسوارا نباتية تؤدي الغرض التي تقوم به كعزل الحديقة أو لتحديد وتقسيم مساحات معينة أو فصل أجزاء الحديقة عن بعضها البعض أو لحجب المناظر غير المرغوب فيها، بالإضافة إلى تحديد الأرصفة والطرق في الحديقة بزراعة نباتات الأسيجة على جوانبها لتوجه الزائر باتجاه معين، كما تستخدم في تكملة أجزاء أو فراغ في وحدات من المنازل بالإضافة إلى تغطية عيوب المباني أو عمل تعديل وهمي لأشكالها وارتفاعاتها.( 6)
- الوظيفة الجمالية: تشكل الأشجار والنباتات الأخرى العنصر الأساسي لجمال المدن وتنسيق المواقع والحدائق العامة والمنتزهات وتعمل الأشجار على إضافة عنصر الطبيعة والجمال على المنشاءات والمرافق وتكسر حدتها وصلابتها، كأشجار النخيل وأشجار الزينة والشجيرات .
ب- ضوابط التشجير داخل المدن:
1- تشجير الشوارع : نظراً لزيادة مشاكل المرور وارتفاع نسبة التلوث بدرجة كبيرة ولما للنباتات من دور رئيسي كبير لتخفيف هذه الأضرار فمن الأفضل زراعة الشوارع بالنباتات مع الأخذ بعين الاعتبار العلاقة بين شكل وطبيعة نمو النبات وموقعها في التنسيق، وهناك بعض الضوابط التي ينبغي مراعاتها عند اختيار وزراعة النباتات في الشوارع العامة وعلى الأرصفة والتي تتمثل بالاتي:إن تكون النباتات المزروعة في الشوارع من الأنواع التي تتحمل الظروف البيئية للمنطقة ومقاومة للإصابة بالأمراض والآفات الحشرية وعوامل التلوث البيئي وان لا تقل المسافة البينية بين كل شجرة وأخرى عن 5-8 م وذلك في الشوارع داخل المدن أو القرى و10- 12 م في الطرق السريعة والدائرية، كذلك يتم زراعة الشوارع داخل المدن وفقاً لما يراه المختصين ويفضل أن يكون عرض الرصيف 3م وتختار الأشجار القائمة المنتظمة للتشجير في الشوارع مثل النخيل وبعض الأنواع القابلة للقص مثل الفيكس العادي بحيث تأخذ شكلاً منتظماً، على أن تتلاءم طبيعة نمو النباتات وحجمها مع نسبة حجم الشارع وطبيعته ومع ظروف الموقع الذي تزرع فيه وما يحيط به من منشآت ثابتة ، بحيث لا تكون أفرع الأشجار معرضة للتشابك مع الأسلاك وغيرها ولذا تختار الأشجار القائمة المنتشرة حسب ظروف الشارع ، وفي حالة الشوارع الكثيرة الأسلاك تختار الأشجار التي يمكن تقليمها وتشكيلها بسهولة .
ويزرع كل شارع بنوع واحد من الأشجار لسهولة إجراء عمليات الصيانة ولإبراز القيمة التنسيقية كما يمكن زراعة أكثر من نوع واحد في الشوارع الطويلة على أن يتبع نظام التبادل بين شجرتين من نوعين مختلفين مع مراعاة التناسب بينهما من حيث الإرتفاع واللون والشكل والاحتياجات البيئية ، إضافة لذلك تزرع الأشجار في حفر ذات أبعاد 1.5× 1.5 ×1.5م3 وعلى مسافات تبعد عن بعضها 5 – 8 أمتار حسب نوعها وطبيعة نموها وقد تحتاج الأشجار في بداية عمرها إلى دعامة أو شبكة حديد لإستقامة ساقها وحمايتها ،ويجب الأخذ في الإعتبار عند تحديد حجم حوض الأشجار على الأرصفة ضرورة تخصيص مسافة كافية لحركة مرور المشاة ،بحيث يكون عرض الرصيف كافي لزراعة الأشجار وحركة المشاة والأخذ في الإعتبار طبيعية نمو النبات وتفرعه مستقبلاً ،و يراعى أن تكون الأشجار المزروعة على جانبي الطرق ذات نمو خضري محدود وذلك حتى لا تمتد فروعها إلى المباني المجاورة أو المارة في الطرق ويفضل زراعة أشجار صغيرة مزهرة محدودة النمو مثل البوهينيا أو التيكوما ، وتجنب زراعة الأشجار في الأرصفة المخصصة للمشاة في الشوارع.
أما بالنسبة لعلاقة التشجير وأحواض الأشجار بمسارات المشاة يجب أن تبعد مناطق عبور المشاة عن الأحواض المزروعة بالأشجار بمسافة لا تقل عن 60 متراً وعن الأحواض المزروعة بالشجيرات 40 متراً وعن الأحواض المزروع بالنباتات العشبية المزهرة 20 متراً وذلك لكي يتمكن قائد السيارة من الوقوف عند مسار المشاة ولا تعوقه حركتهم ، كما يفضل عدم زراعة الأشجار الشوكية ،و الأشجار المثمرة على الأرصفة الجانبية لأنها تتلوث بالغبار وغاز ثاني أكسيد الكربون هذا بالإضافة لتساقط الثمار وتشويه منظرها وتعرضها للعبث من المارة، علماً بأن الهدف الأساسي من زراعة الأشجار في الشوارع هو الناحية الجمالية التنسيقية بالإضافة إلى الأهمية البيئية.
2- تشجير الجزر الوسطية:تعتبر الجزر الوسطية إحدى الوسائل الهامة لتجميل الشوارع وذلك بزراعتها بالأشجار والشجيرات ويتوقف ذلك على عرض هذه الجزر فإن كانت متسعة فيمكن زراعتها بالأشجار والشجيرات ذات الظل والجمال مع تهذيبها بشكل جيد ، وان كانت ضيقة فيفضل زراعتها بنوع من الأسيجة النباتية المزهرة والقابلة للتشكيل ، أما إذا كانت الجزر ذات أطوال كبيرة وعريضة فيمكن زراعتها بنوعين من الأشجار ذات الإحتياجات المائية المتقاربة ليسهل صيانتها ، ويفضل أن تكون الأشجار مزهرة لإضفاء الجمال للشوارع .
وهناك مجموعة من الضوابط تراعى عند إختيار وزراعة الأشجار في الجزر الوسطية منها: يفضل أن تكون الأشجار المزروعة خاصة في وسط الجزر ذات سيقان مرتفعة وأن يكون تفرعها عالياً بما لا يعوق حركة المارة أو السيارات مثل نخيل البلح ونخيل الواشنطونيا والباركنسونيا والفيكس، وأن يتناسب حجم الأشجار مع عرض الجزيرة،كذلك عدم زراعة الأشجار الكبيرة الحجم في تقاطع الطرق أو عند رأس الجزر في الشوارع حتى لا تعوق مسار النظر للسائقين مع ملاحظة ترك مسافة لا تقل عن 5-8 متر حول مفارق الطرق بدون زراعة أشجار أو نباتات كبيرة الحجم ، ويمكن زراعتها بالنباتات العشبية قليلة الإرتفاع والمسطحات الخضراء،ويفضل أيضا زراعة الجزر الوسطية للفصل بين الإتجاهين بالفيكس العادي والفلفل العريض للتقليل من حوادث السيارات الناتجة من إستعمال النور العالي ،مع مراعاة توزيع النباتات والأماكن المخصصة لوضع اللوحات الدعائية والتجارية من الجزر الوسطية وذلك لتلافي التداخل بينها .
علاوة على ذلك يجب مراعاة عدم زراعة الأشجار بالقرب من الفتحات والسماح للدوران إلى الخلف على شكل حرف U-TURN بالجزر الوسطى ويكتفى بزراعة الأسيجة بارتفاع لا يزيد عن 50 سم وذلك للطرق التي يتم إنشاؤها وتتم إعادة النظر للطرق السابق إنشاؤها وإزالة الأشجار العائقة للرؤية،وتوضع اللوحات الإعلانية والتجارية على مسافة لا تقل عن 20م من نهاية فتحات الجزيرة والخاصة بالدوران إلى الخلف للطرق التي يتم تحسينها ويتم نقل اللوحات الإعلانية العائقة للرؤية للطرق القائمة حالياً والتي سبق إنشائها،ويفضل زراعة النخيل في الجزر الوسطية إذا كان عرض الجزيرة لا يقل عن 4 م حيث تمتاز عن الأشجار الأخرى بأنها تعطي ظلاً دون أن تزاحم عناصر التشكيلات النباتية الأخرى وبعد اكتمال نموها لا تعيق الرؤية.
3- التشجير أمام المنازل: من بعض الضوابط التي يجب مراعاتها والأخذ بها عند الاهتمام بالأشجار وزراعتها أمام المنازل ، أن يكون موقع حوض الزراعة في الجانب الأيمن من الرصيف بالقرب من سور المنزل، ويترك الجانب الأيسر من الرصيف ( القريب من الشارع ) للمشاة ويكون منسوب الحوض أخفض من مستوى أرضية الفناء حتى تنساب إلى الحوض سيول البيت وكذلك مياه الغسيل الخالية من الصابون والمطهرات،كما تكون جوانب الحوض خرسانية بعمق 40سم وسمك لاتقل عن 10سم.
أما المسافة بين كل شجرة وأخرى فتتحدد بمسافة ( 5-8 م ) بحيث لا تتداخل ظلالها مع بعضها البعض،ويفضل زراعة مجموعات شجيرية قصيرة الإرتفاع في أركان المنزل لتقوم بدور الربط بين المنزل والحديقة على أن تزرع شجيرات قائمة غير متفرعة مثل شجرة الثويا بين المساحات المسطحة وبين النوافذ وبين أبواب المنزل والحديقة ،وينصح بعدم زراعة أي من الأشجار أو الشجيرات أمام الأبواب والنوافذ حتى لا تحجب أشعة الشمس أو المناظر (6).
كما يجب التقليل من زراعة العشبيات المزهرة حول المنزل لأنها تحتاج لمجهود كبير لخدمتها وحتى لا تلفت النظر عن المنزل، بينما رأى المعنيون تغطية المباني بالمتسلقات وفي بعض الأحيان يعتبر هذا عاملاً مهماً جداً لتكملة الصورة النهائية لتجميل المبنى ، فالمتسلقات لها فوائد كثيرة في التنسيق ، ولكن في هذه الحالة تكون الغاية الرئيسية لزراعتها هي أن تربط المبنى بالحديقة .
وإنه يمكن زراعة بعض الأشجار المتساقطة الأوراق لتوفير الظل صيفاً والضوء والشمس شتاءً ويفضل زراعة الأشجار مستديمة الخضرة للمحافظة على نظافة الشارع أمام المنزل،ويفضل زراعة النخيل أمام المباني خاصة الرسمية أو ذات الطابع الشرقي،وتجنب زراعة أية نباتات ذات أشواك أو جذور ظاهرة أو ذات إفرازات أو نواتج سامة أو مهيجة أو مسببة للحساسية.(7)
4- التشجير أمام المحلات التجارية:ينبغي المحافظة على الأشجار والنباتات بجوار المحلات التجارية لاستمرارية جمال وإخضرار المدينة، فبالإضافة إلى فوائد الأشجار والنباتات الجمالية والتنسيقية لها فوائد صحية وبيئية تحتم الاهتمام بها والعمل المتواصل من أجل حمايتها والإكثار منها، فهي تلطف الجو وتنظم حرارته وتزيد الرطوبة بالأماكن الجافة وتقلل من نسبة التلوث في البيئة،وبالنسبة للضوابط التي يجب مراعاتها عند إختيار وزراعة الأشجار أمام المحلات التجارية فهي:
تجنب زراعة الأشجار عالية الأرتفاع بحيث لا تحجب رؤية لوحات المحلات الإعلانية،ويفضل زراعة الشجيرات محدودة الأرتفاع وقليلة التفرعات الجانبية ،والإكثار من زراعة النباتات العشبية المعمرة بحيث تكسب الأحواض جمالاً ولا تشغل حيزاً كبيراً من الرصيف مع تجنب شغل كامل الرصيف بأحواض الزراعة مما يعيق سير المشاة ،علاوة على زراعة النباتات التي لا تحتاج لعمليات تقليم مستمرة والتي لا يوجد فيها أشواك حتى لا يكون ذلك سبباً لإزالتها في المستقبل،كذلك زراعة الشجيرات المزهرة أو التي تعطي أزهار على مدار العام وتكون أزهارها جميلة وذات رائحة ذكية لتجذب رواد المحلات وأصحابها بالمقابل تجنب زراعة الأشجار متساقطة الأوراق حتى لا يتسخ الرصيف بأوراقها أو ثمارها المتساقطة أمام المحلات التجارية وضرورة توزيع النباتات واللوحات الدعائية والتجارية على الأرصفة لتلافي التداخل بينها.
ج- خطوات التشجير داخل المدن:
يراعى عند التخطيط لمشاريع التشجير داخل المدن إتباع الخطوات التالية:
1 - تحديد الهدف من الزراعة .
2 - تحديد مكان الزراعة سواء كان بالشارع أو الجزرة الوسطية أو أمام المنزل أو أمام المحلات التجارية أو حديقة عامة.
3 - تحديد نوعية التربة ومدى صلاحيتها للزراعة وفيما أن كانت تحتاج لإضافة المخصبات.
4 - تحديد نوعية النباتات المراد زراعتها ومدى ملاءمتها لأحجام الأحواض وعرض الرصيف ومدى تحقيقها للغرض أو الهدف من الزراعة.
5 - تحديد البعد بين الأشجار على الأرصفة أو في الجزر الوسطية والمسافة المفروض تركها عند التقاطعات وفي نهايات الجزر الوسطية.
6 - تنفيذ عملية الزراعة وفقاً للأسس العلمية السليمة وحسب نوع وطبيعة نمو النبات.
7 - متابعة عمليات الخدمة والصيانة الزراعية المختلفة خاصة الري والتقليم والتسميد ومقاومة الآفات ذلك حسب حاجة النباتات والظروف البيئية المحلية للمحافظة على نظافة وتنسيق وجمال النباتات المزروعة .
رابعاً-المعايير التخطيطية لإنشاء الحدائق والمنتزهات العامة .
تتوقف المعدلات التخطيطية للحدائق والمنتزهات بصفة عامة على الظروف المحلية لكل مدينة ويخصص لكل فرد من سكان المدينة مساحة محددة من المساحات الخضراء وتقسم على النحو التالي:
مناطق خضراء بين المساكن .
مناطق خضراء في المراكز المختلفة بالمدينة ومنها مركز المجاورة السكنية .
مناطق خضراء أو عامة على مستوى المدينة .
وهناك منطقة للترويح والترفيه على مستوى مركز المجاورة السكنية تحتسب مساحتها بناء على عدد سكان المجاورة ومن بعض المعايير العربية والعالمية في هذا المجال ما يلي :
في مصر 4.2 م² للشخص كحدائق عامة .
في الولايات المتحدة الأمريكيه 21 م² للشخص كحدائق عامة .
تتراوح المعدلات العالمية لنسبة المناطق المفتوحة من مساحة المجاورة السكنية لبعض الدول كتالي:
إنجلترا 26 % ، ألمانيا 37 % ، العراق 17.5% ، هنغاريا 15% .
تتراوح المعدلات التخطيطية للمناطق المفتوحة في كثير من دول العالم الصناعية بين
2100 -4200 /م² لكل 1000 نسمة .
يخصص للفرد من الحدائق العامة داخل المجاورة السكنية حوالي 0.6م2 / للفرد ، أي أن مساحة الحديقة اللازمة للمجاورة السكنية والتي تتكون من 5000نسمة = 3000م²
وعموماً يجب أن يراعي المخطط في اختيار مواقع ومساحات الحدائق والمنتزهات المعايير التخطيطية التالية:
1- إن تتناسب المساحات المخصصة للحدائق والمنتزهات مع كثافة السكان الذين تخدمهم هذه المرافق بحيث يجب توفير حديقة لكل من 2500-5000نسمة وأن تكون المساحة المطلوبة للحديقة تتراوح بين 2-10م² لكل نسمة .
2 -إن يكون موقع الحديقة أو المنتزه مناسباً حسب الغرض من الاستخدام ويفضل أن يكون خارج نطاق توسع مباني المدينة في المستقبل ليبقى مكانها بعيداً عن أزدحام المدينة وفي مكان آمن بعيداً عن حركة السيارات السريعة .
3-مراعاة الإستفادة من طبوغرافية الأرض من شعاب وأودية وجبال وذلك بإقامة مناطق ترفيهية ومنتزهات عليها والمحافظة على طبوغرافية المواقع الطبيعية وتنسيقها كتميز بيئي للحي.
4-يعمل على تحديد الشوارع المحيطة بالحديقة أو المنتزه وكذلك الشوارع المؤدية إلى المداخل الرئيسية لها مع مراعاة توفر مواقف للسيارات قريبة منها وبواقع موقف لكل 300 م² من مساحة الأرض.
5-عزل الحديقة العامة عن الشوارع المحيطة بها بأسوار مرتفعة أو أسيجة كثيفة من الأشجار ومصدات الرياح وذلك في حالة إنشائها داخل المدينة أو بالقرب منها. إلا أنها لا تعزل في حالة إنشاء حدائق ومنتزهات المرافق العامة في المناطق التي تحيط بها المناظر الطبيعية.
6-يعمل على تصميم الطرق في داخل الحديقة العامة لتكون في شكل دائري غير منتظم ويراعى عدم الإكثار منها حتى لا تكون على حساب المساحات المزروعة فيها وأن يؤدي كل طريق إلى عنصر معين أو مفاجأة للزائر الذي يسير في الحديقة.
7-مراعاة توفير جميع العناصر الترفيهية في الحدائق والمنتزهات بشكل يحقق الإكتفاء الترويحي لسكان المخطط والتي تشمل :
أ – تنوع المناظر التي يراها الزائر في الحديقة العامة بالإضافة للمناظر الطبيعية وذلك من خلال زراعة أنواع مختلفة من الأشجار والشجيرات والنباتات العشبية المزهرة على جانبي الطريق.
ب- مساحات واسعة ومكشوفة من المسطحات الخضراء وسط الحديقة وفي الأماكن المخصصة للجلوس والإستراحات والعمل على صيانتها بصورة مستمرة وحمايتها من المشي أو الجلوس عليها وذلك بتحديد طرق ومشايات للزوار للمشي عليها وأماكن للجلوس والاستراحات .
ج – ملاعب أطفال تحت سن عشر سنوات وملاعب رياضية للكبار فوق سن عشر سنوات.
د – أماكن خاصة للجلوس والإستراحات مجهزة بالخدمات المساندة والمرافق الضرورية مثل المقاعد ، أماكن الشواء ، أماكن بيع المأكولات والمشروبات ، مياه الشرب ، مسجد ، ودورات مياه .
8-وجود بعض عناصر التنسيق التي تجذب النظر إليها في تنسيق الحدائق والمنتزهات مثل وجود الكباري المعلقة أو الحدائق الصخرية أو الشلالات والبحيرات الصناعية أو المجسمات البنائية أو زراعة بعض النباتات النادرة.
9-وجود نوع من الترابط بين أجزاء وأقسام الحديقة المتباعدة عن بعضها لإظهارها بصورة منفصلة تربطها ببعضها عناصر التنسيق المستخدمة في الحديقة.
-إختبار المعايير على مدينة دبي:
تعتبر مدينة دبي وغيرها من المدن العربية مثالاً حياً لتصميم الحدائق وتنسيق المساحات الخضراء فيها حيث تختلف دبي عن غيرها من المدن، فبينما يأتي التوسع العمراني عادة على حساب المساحات الخضراء، فعلت دبي العكس تماماً، فمنذ عام 1974 م، عند إنشاء أول حديقة عامة في المدينة، وهي حديقة مشرف، بدأت شبكة الحدائق والمساحات الخضراء في التوسع بسرعة، وهي تضم الآن أكبر عدد من الحدائق في الإمارات العربية المتحدة، بواقع خمس حدائق عامة كبرى، و13 حديقة سكنية أصغر، تنتشر على مساحة 500 هكتار، وأعد المسؤلين في دبي خطة ذات أمد بعيد لجعل المساحات الخضراء تحتل 8% من أرضها، وهو رقم يتناسب مع المعايير الدولية.
تخدم حدائق دبي غرضين هامين، أحدهما هو تأمين مرافق ترفيهية لسكان المدينة، وهذه مهمة أنجزت بشكل جيد، حيث يزور الحدائق الخمس الرئيسية حوالي 3 ملايين شخص سنوياً، كما يزور الحدائق السكنية المنتشرة في جميع مناطق المدينة نحو مليوني شخص سنوياً، وتعتبر الحدائق والمناطق الخضراء جزءاً حيوياً من عملية تخطيط المدينة، وثانيهما تساعد على تقليل التلوث الهوائي الذي تتعرض له المدينة.
إن المحافظة على الاخضرار الثمين للمدينة ليست مهمة سهلة في منطقة ترتفع فيها درجات الحرارة إلى أكثر من 50م° فهذا الأمر يتطلب عمل 800 شخص، بمن فيهم موظفون من مؤسسات خاصة مسئولون عن جميع خدمات التنظيف، و11 مليون متر مكعب من المياه سنوياً.
وبسبب ندرة مياه الأمطار في المنطقة، وقلة مصادر المياه العذبة الطبيعية، يتم ري حدائق دبي بواسطة نظام ري معقد يعتمد التنقيط والري الأوتوماتيكي، وهو فعال إلى الحد الأقصى الممكن، ويتم اختيار النباتات التي تناسب بيئة المنطقة للحصول على أقصى حد للاستفادة من المياه، وأكثر النباتات انتشاراً في حدائق دبي هي شجرة النخيل التي وصلت إلى نحو 41 مليون نخلة التي تستطيع تحمل حرارة صيف الصحراء العالية، لأمر الذي جعل الإمارات تتبوأ المركز السادس عالمياً في إنتاجها للتمور، إلى جانب 150 مليون شجرة حرجية ومثمرة، ساهم كل ذلك في زيادة المساحة الخضراء.
تشكل حديقة دبي الأولى، مثالاً جيداً على تناسق الطبيعة ، وهي تقع على بعد 15 كيلومتراً من مركز المدينة، هذه الحديقة التي كانت مساحتها الأصلية 125 هكتاراً مرت بعدة مشاريع لتوسيعها وتطويرها، وأضيف لها 400 هكتار، فأصبحت أكبر حدائق دبي حالياً، تمتد على مساحة 5.250.000 متراً مربعاً منها 42.500 متراً مربعاً من المروج الخضراء وتظم أكثر من 30.000 شجرة وشجيرة، تشمل أشجار النخيل التي كانت موجودة في المنطقة قبل إنشاء الحديقة، علاوة على المرافق العديدة التابعة لها والتي تهدف إلى اجتذاب العائلات، منها المرافق الرياضية، القرية العالمية التي تضم 13 نموذجاً للبيوت من مختلف دول العالم، وأكثر من 30 منطقة رحلات تحتوي على جميع المرافق الضرورية.
أما حديقة الخور فهي ثاني أكبر حدائق دبي افتتحت عام 1994، وهي قريبة من مركز المدينة، مجهزة بثلاثة مهابط للطائرات المروحية وملعب جولف صغير بـ 18 حفرة، ومدرج مسرحي يتسع لـ1200 شخص، تشكل أهمية كبرى بالنسبة لمحبي النباتات والحدائق، حيث تحتوي على 280 نوعاً من النباتات التي زرعت في الإمارات العربية المتحدة لأول مرة.
تأتي بعدها حديقة الصفا، وهي تحتوي على مروج خضراء واسعة، تغطي أكثر من 80 بالمائة من مساحتها الكلية.
أما حديقة شاطئ الجميرا، فهي إحدى أكثر مراكز الترفيه شعبية في المدينة، حيث تطل على مياه الخليج الزرقاء، وتجذب المئات من عشاق البحر نهاية كل أسبوع، وقد قامت السلطات المسؤولة عن الحديقة بتزويدها بخمسة أبراج مراقبة ومهبط للطائرات المروحية لاستخدامه في حالات الطوارئ.
تعد حديقة الممزر نموذجا فنيا ،تمتد على مساحة 99 هكتاراً، تتوفر فيها مرافق عامة كغرف تغيير الملابس، وغرف الاستحمام، ومرافق الإنقاذ والإسعاف الأولي، وهناك أكثر من 30 منطقة للشواء على الشاطئ ويستطيع الزوار استئجار كوخاً في منطقة منعزلة على الشاطئ.
تغطي حديقة دبي (السكنية الأولى)، مساحة قدرها 1.5 هكتارا، وتستقبل العائلات فقط، وهي مجهزة بنافورة كبيرة، ومجرى مائي، ومرج أخضر كبير مع عدد من الأشجار التي تؤمن الظل في أشهر الصيف الحارة.
وتوجد حدائق أخرى تتربع على مساحة قدرها 46 هكتاراً صممت بحيث تمثل التقنية الحديثة ،تظم عروضا تفاعلية ذات تقنية عالية(8).
إن تناسق الحدائق في دبي وتصميمها الهندسي وتوفر كافة المستتلزمات الاجتماعية والاقتصادية والنفسية والترفيهية جعلها تحضى بمكانة مهمة في نفوس مرتاديها.
د- العوامل المؤثرة على التشجير وزيادة الغطاء النباتي داخل الحيز العمراني :
- المناخ : إن تأثير المساحات الخضراء على درجات الحرارة يختلف من منطقة إلى أخرى إعتماداً على عوامل عديدة كطبوغرافية الأرض والمسافة من مصادر المياه وكثافة الغطاء النباتي , ويكون هذا التأثير أشد وضوحاً في المناطق الواقعة في الأقاليم الصحراوية وشبه الصحراوية.
يعتبر إدخال العنصر النباتي في شكل شجيرات أو حدائق أو أحزمة واقية من أهم العوامل التي تساعد في إنخفاض درجة الحرارة نهاراً في الصيف خاصة تحت الظرف الصحراوي وارتفاعها ليلاً في الشتاء البارد لتلك المناطق ،علاوة على ذلك تساعد زيادة الرقعة الخضراء في الحيز العمراني على رفع درجة الرطوبة النسبية تحت ظروف المناخ الصحراوي وشبه الصحراوي والمعروفة بانخفاضها خلال فترة الصيف وذلك لقدرة النبات على إمتصاص الماء وسعة المساحة الكلية لأوراقها ، وقد أشارت بعض الدراسات إلى أن ما يبخره هكتار واحد من الغابة أكثر مما يبخره هكتار من سطح الماء.
من جانب آخر يلاحظ أن الأشجار لها تأثير كبير على حركة الرياح وإتجاهها بحيث يكون لها تأثيراً واضحاً في الحد من حركة الرياح القوية الجافة والحارة في المناطق القاحلة والتي تحمل معها الغبار والرمال مما يسبب الكثير من الأضرار الميكانيكية وتؤثر تأثيراً مباشراً على البيئة وخاصة في المناطق المهددة بالتصحر والتي تسود العديد من الأقطار العربية .
كما أن للخضرة أهمية خاصة في حجب وتقليل الانعكاسات الضوئية القوية المنعكسة عن الجدران والمسطحات المائية وبذلك تقلل من آثارها السلبية على البصر والجهاز العصبي (9).
- الأنشطة الإنسانية :يعتبر التلوث بالغازات الناتجة عن الحياة اليومية للإنسان وممارساته من المشاكل الخطيرة التي تواجه العالم حيث ينفق العالم مليارات الدولارات للتقليل من هذا التلوث الخطير وخاصة غاز ثاني أكسيد الكربون والذي كان له الدور الأساسي في ظاهرة الاحتباس الحراري وتدهور طبقة الأوزون , وهنا يأتي دور النبات بوصفه عاملاً أساسياً لامتصاص هذه الزيادة الكبيرة في غاز ثاني أكسيد الكربون وذلك عن طريق عملية التمثيل الضوئي ، وقد أثبت العلم الحديث أن الهكتار الواحد من الغابات أو ما شابهها من المساحات الخضراء يستهلك 8 كلجم من ثاني أكسيد الكربون في الساعة أي ما يعادل ما يفرزه (200) شخص من ثاني أكسيد الكربون أثناء الزفير في كل ساعة ، من جهة أخرى تقوم النباتات بإفراز غاز الأكسجين والذي يعتبر عصب الحياة للكائنات الحية .
كما تعمل أوراق الأشجار بأشكالها وأسطحها المختلفة على اصطياد الذرات الصلبة المحمولة في الهواء مما يجعلها عاملاً مساعداً وضروري لتنقية الهواء الذي يتنفسه الإنسان .
من جانب آخر فإن الحياة المدنية تتميز بالصخب الناتج عن حركة المرور والطيران وازدياد المصانع وغير ذلك مما يؤثر على بيئة وصحة قاطني هذه المدن، وقد وجد أن أنسب الوسائل وأرخصها هو استخدام النباتات لامتصاص هذه الضوضاء , حيث أثبتت الأبحاث أن الأشجار الورقية تقلل من شدة الأصوات بمقدار 22 ديسي بل .
-انجراف التربة : تلعب الأشجار دوراً هاماً في الحد من انجراف التربة وتقليل خطورة السيول على الحيز العمراني خاصة في المناطق التي تتعرض للقطع الجائر للأشجار لتلبية متطلبات المجتمعات التي تقطن في تلك المناطق، وتعتبر نوعية ومواصفات الأشجار التي تستخدم في مكافحة انجراف التربة من الأمور الهامة بحيث تخدم الغرض الأساسي المطلوب وتناسب الظروف السائدة في المنطقة وذات شكل جذاب يخدم أغراض التخطيط العمراني(10)
-الاعتبارات المؤسسية :إن استخدام النباتات يحتم على المخططين العمرانيين ربطه بتصميم المدينة أو القرية لتعطي توازناً واستمراراً لا يمكن بلوغه إلا في وجود الأشجار ، فمن المفترض أن تستأثر الأشجار بالاعتبار الأول من تصميم ورسم المرافق لأنها تأخذ وقتاً طويلاً حتى تصل مرحلة النضج وتأخذ الشكل النهائي الذي يبرز جمال التخطيط العمراني .
ومن المهام الأساسية للمخطط العمراني الأخذ في الاعتبار توزيع الحدائق بطريقة تأخذ في الاعتبار المستويات المختلفة لمتطلبات السكان من حدائق على مستوى المجموعات السكنية , إلى حدائق المدينة, إلى الحدائق العامة التي تكون أكبر مساحة ويغلب على تصميمها الطراز الطبيعي بالإضافة لتلبيتها لرغبات السكان الترفيهية والترويحية والرياضية .
كذلك يقع ضمن مهام المخطط العمراني الاهتمام بحدائق الشوارع التي تقام على جزيرة الطريق أو جوانبه , حيث من المفترض مراعاة زراعة الأنواع القابلة للقص والتي لا يسبب نمو جذورها ضرر لسفلتة الشارع بالإضافة لذلك فمن المستحسن استخدام الشجيرات والأشجار المزهرة طول العام والتي لها رائحة جذابة وتفادي زراعة الأشجار متساقطة الأوراق .
يرتبط بحدائق الشوارع حدائق الميادين والتي تنشأ عند تقاطع الشوارع الكبيرة بهدف تنظيم حركة المرور وإضافة لمسة جمالية على المدينة ، ويتميز هذا النوع من الحدائق بأنها مكشوفة ، وعليه يجب الأخذ في الاعتبار عند تصميم هذا النوع من الحدائق أن تكون ذات مساحة تتناسب مع الميادين المقامة عليه بالإضافة لمراعاة البساطة في تصميمها(11).
- الاعتبارات الاقتصادية والاجتماعية : تشتمل الأهمية الاقتصادية والاجتماعية للحدائق والمنتزهات في المدن على دورها في التأثير غير المباشر في رفع الإنتاج والإنتاجية لسكان المدن والقرى العربية من خلال الدور النفسي والبيئي الذي تلعبه إقامة تلك المنتزهـات مما يرفـع من العائـد الاقتصادي للأفراد والمجتمع, بالإضافة للعائد المباشر المتوقع نتيجة لتوفير فرصة العمالة في تلك الحدائق والأنشطة التابعة لها والعائد المالي من رسوم ارتياد تلك الحدائق والأنشطة الخدمية المختلفة ذات العلاقة مثل إنشاء المشاتل والشركات المتخصصة في صيانة تلك الحدائق .
على صعيد آخر فإن العائد الاجتماعي المتوقع يتمثل في توفير مجالات للترفيه بأسعار في مقدور الأسرة العربية بالإضافة إلى توفير المناخ النفسي والصحي الملائم لتعويض ساعات العمل لرب الأسرة العربية واكتساب السلوكيات الصحية والنفسية الجيدة نتيجة للتعامل مع تلك الحدائق والمنتزهات باعتبارها ممتلكات شخصية للأفراد يجب الحفاظ عليها (12).
يلاحظ أن هنالك تفاوتاً كبيراً بين الأقطار العربية من حيث الحالة الاقتصادية التي انعكست بصورة أو بأخرى على التشجير العمراني وزيادة الرقعة الخضراء في المدن ،وكان للاعتبارات الاقتصادية دوراً كبيراً في تحويل بيئات شبه صحراوية إلى مناطق لعب التشجير العمراني وزيادة الرقعة الخضراء دوراً هاماً في جعلها قبلة للزائرين لما فيها من تناسق بين التخطيط العمراني وزيادة الرقعة الخضراء , ذلك عن طريق توفير النباتات المحسنة التي تناسب تلك الظروف واستصلاح الأراضي وتوفير التقنيات الحديثة التي توفر مياه الري , بالإضافة إلى استخدام الخبرات الفنية الخارجية المختصة في المجال، كما هو الحال في مدينة دبي التي تشكل المناطق الخضراء 8% من مساحتها وقد أعدت وفق تصاميم هندسية حديثة،ومدينتي الكويت والرياض اللتين شهدتا تطورا ملحوظا في مجال التشجير وزيادة الرقعة الخضراء، وقد تم زراعة أنواع من النباتات التي تقاوم حالات الجفاف وتتلاءم مع البيئة الصحراوية كالأثل والسدر والعرعر والفيكس والدوم والاكاسيا، بالمقابل تعاني الكثير من المدن العربية ذات المناخ الصحراوي قصورا واضحا في المساحات الخضراء كمدينة نواكشوط بسبب تدني الخبرة في هذا المجال وانخفاض المستوى الاقتصادي والفني التي من شانهما النهوض بواقع المدينة.
أما في الأقطار الأخرى فمن المستحسن أن يكون التركيز في التشجير العمراني وزيادة الرقعة الخضراء باستخدام النباتات المحلية والتي تحتاج لعناية أقل للمحافظة عليها مما يقلل من التكلفة المالية الضرورية لصيانتها والعناية بها وأن تكون لها مقاومة عالية للأمراض والآفات السائدة في المنطقة .
ومن الناحية الاجتماعية فإنه من المفيد دراسة التركيبة السكانية المستفيدة من العمران النباتي الذي يخدم أغراض المجتمع ، على أن تشتمل الدراسة على التركيبة العمرية للسكان ونسبة الجنس والمؤشرات الاقتصادية للسكان والكثافة السكانية ، ففي الأرياف يفضل السكان المكان الظليل الذي يتوسط القرية لعقد اجتماعاتهم وفي بعض الأحيان لعقد محاكمهم الأهلية في الهواء الطلق وتحت ظلال الأشجار ، بينما في المدن تفضل الحدائق والأشجار التي تناسب البيئة ويفضلها السكان لأسباب بيئية أو إجتماعية أو دينية وخير مثال، شجرة النخيل التي تجود زراعتها في معظم المناطق الجافة وشبه الجافة في الوطن العربي ولها إرتباط بالعادات الاجتماعية لأغلب السكان في الأقطار العربية(13).
-نـوع النبات :يعوق نمو بعض النباتات وخاصة الجذور، المنشآت المدنية مما يهدد ويعيق تسيير الكثير من الخدمات المساندة بالمدينة والتي تتمثل في التوصيلات الكهربائية والمياه والصرف الصحي -الإصابة بالأمراض والحشرات : تعاني النباتات المستجلبة من الخارج الإصابة بالآفات والأمراض السائدة في المنطقة خاصة عند اكتمال نموها بعد مرور سنوات عدة من الرعاية والصيانة مما يجعل إعادة التشجير مشكلة يصعب معالجتها من ناحيـة اقتصادية ومن جانب آخر بسبب عدم توفر نظام للرقابة الزراعية إلى إدخال بعض الأمراض والآفات الخطيرة للمنطقة والتي قد تهدد كينونة التشجير العمراني في المنطقة.
-رأس المال:تركز أولويات التنمية الزراعية في معظم الأقطار العربية على تحقيق الأمن الغذائي وأن التشجير في العموم لا يعتبر من الأسبقيات التي تحظى باهتمام المسئولين باعتبار أنه نوع من الترف ، لذلك هنالك صعوبة حقيقية في إقناع متخذي القرار بتوفير الأموال اللازمة لذلك من الخزينة العامة للدولة .
وهناك اهتمام واضح من جانب الدول العربية الغنية بالتركيز على التشجير وزيادة الرقعة الخضراء لما لها من فوائد كالتقليل من انجراف التربة خاصة في المناطق الرملية بالإضافة لما تضفيه على المدن من جمال وتحسين في البيئة والمناخ المحلي مما يزيد مشكلة توفير التمويل اللازم للتشجير العمراني وزيادة الرقعة الخضراء سواء كان هناك إهتمام واضح من جانب الدول المانحة أو المنظمات العالمية لتوفير التمويل لمثل هذه الأنشطة(14).
- عوامل تنظيمية وإدارية : يتوزع أمر الاهتمام بتشجير الحيز العمراني وزيادة الرقعة الخضراء في أغلب الأقطار العربية بين العديد من الدوائر ذات العلاقة مما يعوق التنسيـق بينها لتنفيـذ المطلوب بصـورة متكاملـة , فمن الواضح أن من ينتج الشتلات لا يعرف من يحتاج إليها والنوع المطلوب والحجم المطلوب وبذلك يكون الإنتاج بطريقة عشوائية لا تقع في إطار خطة متكاملة .
- تصميم الحديقة:يعتمد الشكل النهائي للحديقة على الموقع الجغرافي للمنطقة والمناخ السائد فيها وطبوغرافيتها ونوعية المستفيدين منها والغرض المراد خدمته بإنشاء الحديقة ، وعلى هذه الأسس فإن تصميم الحديقة يعتمد على بعض الأساسيات التي يحددها نوع الحديقة المطلوب , فيما اذا كانت حديقة عامة أو خاصة أو عامة ذات صبغة خاصة لتخدم المؤسسات العلاجية أو الأطفال وغير ذلك .
وغالبا تظل الأساسيات التي يبنى عليها تصميم أي حديقة ثابتاً مهما اختلفت طرق التطبيق تحت الظروف المختلفة وأهم هذه الأساسيات هي :
-الترابط: يعتمد في التصميم على شكل الأرض وبعض النباتات السائدة مع نوعية المباني من جهة وما يحيط بها من جهة أخرى بحيث يتوافق التصميم مع الطابع المميز لما يحيط بها من حدائق ومناظر طبيعية .
إن أهم العوامل التي تؤثر في هذا الترابط تتلخص في شكل الأرض والذي يتيح للمصمم الناجح إمكانية استغلاله بذكاء في إحداث الترابط في التصميم بين المرتفعات والتدرجات في الموقع ، كما أن التوافق في الشكل العام ضروري لإظهار الموقع كوحدة متجانسة لا يمكن تغيير شكل أحد الأجزاء دون تغيير الأجزاء الأخرى للتصميم , حيث يصعب وضع ممرات ملتوية في حديقة ذات طابع متماثل أو أشكال هندسية في حدائق ذات طابع طبيعي .
خامساً- الإمكانات المتاحة المحاذية للتصميم الأساسي للمدينة:
تحتاج المدينة سنويا إلى ألاف الهكتارات من الأراضي لنموها وخاصة المدن الكبرى,لذا على المخطط أن يضمن المساحات التي تحتاجها المدينة لفترة زمنية قادمة لأتقل عن 50 سنة ,ويكون ذلك من خلال إعداد مخططات هيكلية للمدينة وما يحيط بها,حيث يتم تحديد المناطق التي تتوسع عليها, ويمنع استغلالها باستعمالات ثابتة,من خلال عدم السماح للبناء بما يخالف التصاميم المعدة,ويمكن السماح باستغلالها بصورة مؤقتة وفق قانون تأجير الأرض لفترة من الزمن حسب ما تراه الأجهزة البلدية والتخطيطية,وان اختيار الأرض لتوسع المدينة يجب أن تتوفر فيها عدة مواصفات منها :أن تكون المنطقة العمرانية الجديدة متجانسة مع الهيكل العمراني القائم ,ومكملة له وقريبة من مركز المدينة ومراكز العمل على إلا توجد معوقات تعرقل تنفيذ المخطط المعد لتلك المنطقة مثل تباين الوضع الطبوغرافي أو ارتفاع مناسيب المياه الجوفية ،وإلا تكون المنطقة معرضة للتلوث الطبيعي أو الصناعي أو المخاطر الطبيعية كالفيضانات والأعاصير، وان تكون قريبة من مصادر خدمات البنية التحتية من ماء وكهرباء وصرف صحي ونقل.
كما يستطيع المخطط المسئول من عمل مفاضلة بين المناطق المرشحة لتوسع المدينة ومن خلال تطبيق بعض الأساليب الكمية والبرامج الحاسوبية لتقييم بدائل نمو المدينة والتي من خلالها يمكن تحديد أفضل المناطق بشكل متسلسل,حيث يمكن تطبيق نموذج التجاذب المكاني ونموذج هانس لهذا الغرض, كما يمكن استخدام برامج نظم المعلومات الجغرافية التي تستخدم في مجال تخطيط وإدارة المدن على نطاق واسع,ومن الأساليب الأخرى الكلف الاقتصادية لكل بديل,وكذلك أسلوب الأوزان الترجيحية رغم عدم دقته لأنه يتضمن قيم رقمية ووصفية غير متجانسة.
إن استغلال الإمكانات المتاحة على مسافة من المدينة يستخدم عندما يراد إيقاف نمو المدينة بحيث تصبح مترامية الأطراف ويصعب معها توفير الخدمات لجميع السكان بصورة متساوية,أو في بعض الأحيان لايسمح موقع المدينة بالتوسع في معظم الاتجاهات لذا يضطر المخطط إلى البحث عن محور للنمو,وربما ارض غير خالية ويتم تخطيطها بل قد تكون مدن صغيرة قائمة فيتم إعداد مخططات لها جديدة لغرض الاستفادة منها في استيعاب الزيادة السكانية في المدينة الكبيرة.
وقد تكون الأرض خالية فيتم وضع مخططات جديدة تتضمن احدث الأساليب والتقنيات وفق احدث نظريات التخطيط ,فتكون متميزة في تخطيطها وتصميمها وفنها المعماري اعتمادا على الاعتبارات الأساسية التي يجب مراعاتها في تخطيط المدن.
وقبل التعرض للأبعاد البيئية للتخطيط العمراني يتم التطرق لتحديد مفهوم البيئة أو الاتفاق على مفهوم موحد للعلاقات البيئية في المدن والقرى شاملاً البعد السكاني والاقتصادي والاجتماعي لهذا المفهوم في إطار التركيبة السكانية لكل قطر عربي في الحضر والمدن وانعكاسات هذه التركيبة السكانية على برامج الحفاظ على البيئة والحد من التلوث ، وهنا يلاحظ أن مفهوم البيئة ينحصر في مجموعة متواكبة من الاتساق البيئي في المجال الحيوي الذي يشمل قشرة الأرض والطبقات الجوية المختلفة ، والنسق البيئي ليس تكويناً دائماً لكنه يعمل في ظروف معينة ويمكن أن يندثر في كثير من الحالات ، والجدير بالذكر أن التعامل الرشيد مع المكونات المختلفة للنسق البيئي يحافظ عليه في إطار التنمية المستدامة ولمصلحة الأجيال التالية وهنا يجب التركيز على التوازن النسبي بين الموارد المتاحة وقدرة تلك الموارد على تحمل الاستهلاك ، وبالإشارة إلى ماسبق فإن الإعتماد في التخطيط العمراني على البُعد البيئي عند تخطيط المدن والقرى مثل الموقع والمواصلات والتوزيع السكاني وتوفر المياه والبنية الأساسية يشكل أهمية كبيرة في اتساق التخطيط العمراني مع البيئة المناسبة لصالح السكان في المدن والقرى , إنطلاقاً من مبدأ توفير المناخ الخالي من التلوث عن طريق المساحات الخضراء وعمل مسافات بينية كافية بين المباني واتساع الطرقات وتوفير أماكن متسعة للترفيه عن السكان بتكلفة مناسبة في إطار المعطيات والموارد المتاحة وعلى ذلك تبرز أهمية الحدائق والمتنزهات في المدن والقرى(15) .
- النتائج:
1-إظهار موضع جمال التصميمات المعمارية.
2- تحسين شكل المدينة عن طريق استخدام الأشجار في تغطية الوحدات السكنية غير المخططة أو المباني المتهالكة المتمركزة في قلب المدن .
3-تحقيق طلب السكان في المدينة في الترويج عن النفس والترفيه في الحدائق العامة.
4-تحسين الأحوال البيئية والصحية للمنطقة .
5-الاستفادة من الأشجار وزيادة الرقعة الخضراء في المجالات التعليمية والتثقيفية والحفاظ على الأنواع النادرة من الإقراض وذلك عن طريق إنشاء الحدائق النباتية التي لا يتنافر تصميمها مع التخطيط العمراني .
6-عدم وجود تشريعات ملزمة في التخطيط العمراني للمدن الجديدة لإنشاء تلك الحدائق والمتنزهات من حيث تحديد مساحتها وتناسبها مع حجم المدن والأحياء السكنية والإدارية والموارد الطبيعية المتاحة من ماء وطبيعة وتربة .
7-قلة الوعي الاستثماري في مجال الحدائق والمتنزهات العامة وتقدير العائد الاقتصادي لها .
8-عدم توفر الإعداد الجيد لدراسات جدوى اقتصادية لمثل تلك المشاريع .
9- ضعف الخبرة لدى بعض أفراد الجهاز الفني في تنفيذ عمليات الخدمة والصيانة الزراعية وينعكس هذا على وضع خدمات التشجير فكثيراً ما نلاحظ عدم تقلم أشجار هي بأشده الحاجة للتقليم وأحياناً تقلم بعض الأشجار تقليماً جائراً.
-المقترحات:
1- وضـع تصور للنباتات المراد استخدامها في الحديقة, لأنها تحدد نسب وشكل الحديقة وإيجاد تناسب ما بين الأماكن المفتوحة والمغلقة وتقسيم المساحات بالإضافة لما تعطيه من مظهر خارجي وكإطار للمنظر الخلفي
2- إعادة دراسة وضع أحواض الزراعة من حيث إلغاء البعض أو إعادة توزيعها بما يحقق إتاحة الغرض الكامل للمشاة بإستخدام هذه الأرصفة في الشوارع أو وسط المدن ذات الكثافة العالية للمشاة.
3- يتم زراعة الميادين التي تصمم على شكل مثلثات بالنباتات العشبية المزهرة أو أي نباتات أخرى قصيرة حتى لا تحجب الرؤية ولضمان سلامة مرور السيارات.
4- فرض عقوبات مالية على المخالفين الذين يقطعون النباتات من أمام المحلات التجارية وعلى الأرصفة وأمام المنازل.
5- متابعة عمليات التشغيل والصيانة الزراعية، خاصة ري النباتات وإجراء عمليات التقليم والتشذيب اللازمة للمحافظة على جمالها وتنسيقها داخل المدينة.
6- التأكد من ملائمة الأنواع والأصناف النباتية المراد زراعتها للظروف البيئية المحلية قبل زراعتها.
7- زيادة عدد عمال الصيانة الزراعية الدائمين في الأمانات والبلديات .
8- رفع كفاءة الفنيين الزراعيين في الأمانات والبلديات بما يتماشى مع المهام المكلفين بها.
9 - الاهتمام بزراعة أشجار الظل للاستفادة منها في أشهر الصيف الحارة على أن تكون من الأشجار التي تناسب الطابع العام ويمكن أن تضفي بعض الجمال على الحديقة بما توفره من إزهار أو شكل متميز وخاصة تلك التي تزهر في الأشهر التي لا يكون فيها إزهاراً لأغلب النباتات المزروعة بالحديقة
10- تصمم بعض الأماكن الخاصة التي توفر العزلة privacy للمتنزهين باستخدام بعض النباتات في شكل أحراش أو غابات صغيرة في حالة توفر مساحات وافرة بالحديقة أما في حالة محدودية المساحة فيمكن إستخدام بعض الأسيجة النباتية التي يسهل تشكيلها بالقص .
11- الإهتمام بإدخال أماكن المياه في تصميم الحديقة متى ما سمح ذلك لما لها من دور متميز في. لفت أنظار المتنزهين , خاصة في الأماكن التي تعكس صورة لما حولها من نباتات ومنشآت .
12- زيادة الوعي البيئي على مستوى التجمعات السكانية بأهمية الحدائق والمتنزهات وصيانتها .
13- توفير البنية الأساسية التحتية اللازمة لإنشاء الحدائق والمتنزهات في إطار التخطيط العمراني.
- الهوامش:
1- Bar tholomew, H.,:the Land Use Suruey, in, Mayr, H.M and Kohn, CF., Reading in Urban Geography, eds. Chicago Uniu., press, Chicago. 1975.p.42
2- Nor tham, R.M.,Urban Geography, john Wiler and Sons, New York. 1979. p33.
3-محمود , محمد خلف , أمين , سامي كريم محمد , الزينة وهندسة الحدائق ، مطبعة التعليم العالي ، الموصل ، العراق ،ص25.

4- D.Butler, Gearge, “Introduction to community Recreation,” Mc Grow –Hill Book Company, 5ed,1988, p.35
5 - عبد الرحمن محمود الحيارى ، التركيب الوظيفي لمدينة السلط ، رسالة ماجستير غير منشورة ، مقدمة إلى كلية الدراسات العليا في الجامعة الأردنية ، 1996 ، ص 89.
6 - محمد أحمد العلي المصطفى الطوالبة ، مدينة أربد ، دراسة في جغرافية العمران ، رسالة ماجستير غير منشورة ، مقدمة إلى كلية الآداب ، جامعة الإسكندرية ، 1982 ، ص210.
7-خالص حسني لأشعب، المدينة العربية، معهد البحوث والدراسات العربية، بغداد، 1982 ، ص11
8-الإمارات العربية المتحدة،بلدية دبي‘تقرير صادر من بلدية دبي لعام 2008،بيانات غيرمنشورة،ص12.
9 - محمد يسري الغيطاني ، الزهور ونباتات الزينة وتنسيق الحدائق ، دار الجامعات المصرية ، الإسكندرية ، 1984،ص65.
10- عبد الحميد عبد الواحد , تخطيط وتصميم المناطق الخضراء ، دار غريب للطباعة - القاهرة ، 1988ص98.
11 - محمد عرب نعمة الموسوي ، مدينة صبراتة التركيب الوظيفي والمظهر الخارجي من واقع استعمالات الأراضي دراسة في جغرافية المدن ، رسالة دكتوراه غير منشورة ، كلية الآداب ،جامعة الفاتح ، 2004 ، ص134.
12-A.E.Smiales, the Geography of Towns, Hutchinson, London, 1964. p.135
13- L.Taylor and A.R.Gones, Rural Life and Urbanized Society, Oxford University, New York,1964,p56
14 - عطيات حمدي عبد القادر، جغرافية العمران ، دراسة موضوعية تطبيقية،دار عالم الكتب،القاهرة، 1964،ص261
15 - محمد يسري الغيطاني ، مصدر سابق ، ص75.
15- Pierceall, G. Residential Landscapes Reston Publishing CO. Inc. Reston, Virginia, 1984,p23.