الخميس، 29 أكتوبر 2009

النظام الشرق أوسطي الجديد وخفايا الدور الأمريكي في إذكاء الصراع العربي الصهيوني

د.محمد عرب الموسوي
عضو هيئة التدريس بجامعة السابع من ابريل
مقدمة:
شهدت السنوات التي أعقبت أزمة الخليج ومؤتمر مدريد لتسوية الصراع العربي الصهيوني تغيرات عاصفة سواء في النظام الدولي أو النظم الإقليمية على مستوى مناطق العالم المختلفة وبصفة خاصة النظام العربي أو في علاقة النظام الدولي بالنظم الإقليمية واستنادا إلى تغير خارطة العالم بعد زوال المعسكر الشيوعي وانتهاء الحرب الباردة بين القطبين وانفراد الولايات المتحدة بتقرير مصير الكثير من الدول واستحواذها في نزع القرارات من مجلس الأمن وإعطائها الحق بعد إضفاء صفة الشرعية الدولية على قراراتها من خلال شنها لحروب واحتلالها لدول ذات سيادة كما حصل لاافغانستان والعراق ،دأبت الولايات المتحدة إلى إجراء إعادة نظر شبه كلية في النظم الإقليمية في العالم من زاوية إعادة تنظيم التركيب ، أو لإعادة البنى الهندسية والاقتصادية والإستراتيجية خاصة لبعض هذه النظم الإقليمية وأهمها النظام الإقليمي العربي والذي كان وما يزال يتعارض مع تصورات ومدركات السياسة الأمريكية من حيث اتجاه العالم العربي ودول الجوار الجغرافي مثل إسرائيل وتركيا وإيران والقرن الإفريقي، ذلك أن هذا النظام شكل منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية وحتى منتصف الثمانينيات من القرن الماضي تهديدا للمصالح الأمريكية في المنطقة من وجهة نظر السياسة الأمريكية.
لقد تم بناء النظام الشرق أوسطي في المنطقة العربية على مجموعة من الأسس وسيناريوهات أعدت سلفا في أروقة الإدارة الأمريكية والصهيونية والتي تتحدد بمشروعات الربط الإقليمي ، حيث تقوم إسرائيل بربط الدول العربية ودول الجوار بمشروعات واتفاقيات في مجالات متعددة منها ، المياه والاقتصاد، أو تقوم بتنمية شبكات واسعة من الارتباطات بين الاقتصاد الإسرائيلي ودول الجوار،كما تطمح الدوائر الصهيونية إلى إقامة منطقة تجارية حرة يتم فيها تحرير المبادلات التجارية لبعض الأنظمة العربية مثل سوريا ومصر ولبنان والأردن مع إسرائيل لتكون الجسر الذي تمر عليه إسرائيل إلى المناطق العربية الأخرى ،وهو حلما أفصح عنه وزير الاقتصاد الإسرائيلي عام1987في لقاءا له مع صحيفة اديعوت احرونوت قال فيه (أن إسرائيل يحيط بها طوق عربي متخلف ، وهي تمتلك الوسائل التكنولوجية الحديثة، وعليه كسر هذا الطوق والوصول إلى ابعد الأسواق بها لتصريف البضائع الإسرائيلية) ، بالإضافة إلى طمع إسرائيل بإقامة علاقات تجارية مع الدول العربية ذات القدرة الشرائية الكبيرة خصوصا الخليجية منها لما توفره هذه الدول من إمكانيات لتدفق رؤوس الأموال.
إن هذه السياسة الاقتصادية التي تود الولايات المتحدة وإسرائيل إقامتها مع الدول العربية ماهي الاخدعة أساسها تصريف البضائع الإسرائيلية وتقوية اواصرالعلاقة مع إسرائيل لدعم اقتصادها وبنفس الوقت تلويح الولايات المتحدة باستخدام القوة ممن يرفضون هذه المبادرة على أساس تصدير الديمقراطية أو اتهام الدولة الرافضة لها برعيها للإرهاب ،وتحتل الدول المعنية بمشروع الشرق الأوسط الكبير جغرافية سياسية تمتد من المغرب إلى باكستان، متربعة على مساحة تشمل العالم العربي كله باستثناء السّودان ، وباكستان، وأفغانستان، وإيران، وتركيا، وإسرائيل، غير أن المستهدف في المقام الأول ، بهذا المشروع هي الدول العربية ، ويحاول أن يجد مبرراته الشرعية في تقرير التنمية الإنسانية العربية الذي كشف عن وجود حالة من التخلف الاقتصادي الفظيع والعجز التنموي في العالم العربي، غافلا عن أسباب هذا التخلف، وهي فشل بعض الأنظمة العربية واستبدادها، مع حماية الغرب لتلك الأنظمة وتحالفه معها مما مكنها من أسباب البقاء والاستمرار ومن الملاحظ أن التقسيم الذي اعتمده المشروع هو تقسيم إداري لا يمت إلى الواقع الجغرافي بصلة، وان الصفة الجيوبوليتيكية منتقاة بعناية لتتناسب مع الرغبة في نهب ثروات المنطقة الأغنى بتروليا من جهة، و الحرب على الإرهاب وفق منهجية الإدارة الأمريكية التي ترى فيه خطرا حقيقيا على هذا المخطط من جهة أخرى،إذ تعتقد هذه الإدارة وبعض خبرائها الاستراتجيين أن الإرث الثقافي و الديني للمنطقة الإسلامية مهدد و مسبب في إذكاء روح التطرف و توليد الكراهية،وقد لاحظ الكثير من المحللين التشابه بين هذا المشروع،وما طرحه حزب الليكود في وقت مضى من مخططات استهدفت تقوية إسرائيل بالمنطقة، وإضعاف الدول المجاورة.
إن مشروع الشرق الأوسط الكبير مشروع استعماري يطال العالم الإسلامي بأسره تقريبا، ويشمل السياسة والتعليم والاقتصاد والثقافة في آن واحد، وهو مشروع غامض لا ينطلق من إستراتيجية واضحة المعالم بينة الأهداف، ويجمع بين مخططات عديدة بالمنطقة، كان يرفع في نسخته الأولى، شعار التنمية باعتبارها مطلبا أساسيا للديمقراطية، بينما اختارت وزيرة الخارجية الأمريكية أن تطرح مشروع الشرق الأوسط الجديد في نسخته المنقحة وسيلة للقضاء على حركات المقاومة في المنطقة ولو استدعى ذلك التحالف مع أنظمة سياسية استبدادية غير ديمقراطية، وقد انتقد الكاتب اليساري الأمريكي نعوم شومسكي هذا المشروع بقوله (إذا كان لا بد من تعلم الدرس المركزي لهذا النظام العالمي الجديد فهو نحن السادة وعليكم أن تمسحوا أحذيتنا) لأن المشروع يأمر المعنيين من عرب ومسلمين ولا يحاورهم ولا يأخذ رأيهم فهو سلسلة أوامر فوقية نفذوا وإلا.
- أهداف المشروع:
هناك جملة من الأهداف كشفها هذا المشروع من خلال تصريحات القائمين على تطبيقه ممثلة بالاتي.
- وضع الدول العربية تحت وصاية أمريكية ومن ثم إخضاعها لعملية تغيير شامل يمس بنية المجتمعات العربية ذاتها في السياسة و الاقتصاد و الاجتماع و الثقافة ، مع الإشراف الدقيق على تنفيذ هذا المخطط.
- إعادة صياغة الشرق الأوسط وفق المصالح المشتركة التي يتطلبها التحالف الاستراتيجي بين إسرائيل وأميركا.
- تحقيق المصالح الاقتصادية الأميركية في آسيا وأوروبا على المدى البعيد عبر التحكم في مصادر النفط العربي، وتأمين تدفقه الطبيعي بإقامة قواعد عسكرية أميركية في شرق آسيا .
- خلخلة الوضع السياسي لبعض الدول العربية لضرب بؤر الإرهاب وحماية أمريكا من خطر التطرف و الهجرة غير الشرعية.
- فرض أنماط تعاملات اقتصادية على البنوك العربية تهدف إلى التحكم في عمليات تمويل الإرهاب.
- ضبط الأمن الإقليمي و مراقبة التسلح في الشرق الأوسط، وهو أحد أهداف الوجود العسكري الأمريكي في المنطقة.
- ضمان هيمنة إسرائيل وسيطرتها على مقدرات الشرق الأوسط المنشود باعتبارها النموذج الحضاري للمشروع الغربي الذي تسعى أمريكا لتجسيده.
- إنشاء سوق اقتصادية مشتركة بين الدول العربية وإسرائيل تشكل محور اختراق امني للدول العربية.
- استئصال النظم والقوى والأفكار المعادية للسياسات الأميركية والإسرائيلية والتمكين للنظم والقوى والأفكار المؤيدة لهذه السياسات.
- تفكيك دول المنطقة وإعادة رسم خرائطها على النحو الذي يضمن المصالح العليا الأمريكية وأساسا التحكم في موارد البترول، لأن ثروة الدول العربية النفطية تشكل 60% من الاحتياطي العالمي.
- حماية إسرائيل وضمان تفوقها في المنطقة، باعتبار وجودها هدفا إستراتيجيا لأمريكا، وقد تجلى ذلك في احتلال العراق، والتهديد المستمر بشن حرب على إيران وسوريا.
- استبدال الهوية العربية التاريخية والثقافية للمنطقة، بهوية مصطنعة، مائعة، هي الهوية الشرق أوسطية، التي تعنى إذابة العرب في كيان هلامي غير واضح المعالم، أوضح ما فيه هو خضوعه للهيمنة الإسرائيلية المباشرة والكاملة، وهذا ما عبر عنه بيريز صراحة عندما قال جوابا عن سؤال لصحيفة الشرق الأوسط عام 1995 حول انضمام إسرائيل لجامعة الدول العربية (أعتقد أن جامعتهم العربية يجب أن تُسمى جامعة الشرق المتوسط، وعندئذ يمكن لإسرائيل أن تنضم إليها، نحن لن نصبح عرباً، ولكن الجامعة يجب أن تصبح شرق أوسطية) .
- التطبيع الثقافي مع إسرائيل.
- فتح الأسواق العربية أمام المنتجات الإسرائيلية، وقد قال رابين ساخرا من معارضيه في حزب الليكود بقوله أن هؤلاء يقيسون قوة إسرائيل بمساحة ما تستولي عليه من أراض، أما نحن فنقيس قوة إسرائيل بمقدار ما تسيطر عليه من أسواق .
- نهب خيرات المنطقة العربية فالمشروع يعبّر عن المصالح الإستراتيجية، للولايات المتحدة الأمريكية، وقد اتضح ذلك بعد احتلالها العراق حيث وقّع البنتاغون على آلاف العقود بمليارات الدولارات مع شركات أمريكية، وحدد أن الأولوية هي للشركات الأمريكية. فالنهب الاقتصادي سبق نشر الديمقراطية.
- القضاء على حركات المقاومة الوطنية في فلسطين المحتلة‏ أو في لبنان، بما يعزز من الهيمنة الأمريكية والإسرائيلية في المنطقة.
- إرغام الدول العربية على القبول بالسلام مع إسرائيل‏ والتعايش معها، وعدم إعاقة المصالح الخارجية الأمريكية، وهو ما يقتضي احتواء سوريا‏ وإيران أو شن حرب ضدهما.
- إقامة قواعد عسكرية أمريكية في الخليج، وتعميق الارتباط الاستراتيجي بين أمريكا وبين دول المنطقة، على جميع الأصعدة والدفاع والحماية ضد التهديدات، ومبيعات السلاح،وعمليات الدعم والصيانة الفنية للأسلحة والمعدات التي تشتريها هذه الدول من الولايات المتحدة, بما يبقيها في حاجة دائمة للاعتماد على الولايات المتحدة.
- أما وسائل تحقيق مشروع الشرق الأوسط الجديد فتتمثل بالاتي:
- العمل على تفجير المنطقة بالحروب والصراعات لأن إدارة بوش تعتقد أن منطقة الشرق الأوسط لا يمكن دمجها في النظام السياسي الجديد إلا عبر تفجيرها بالحروب والمواجهات، و أكبر دليل على ذلك تصريح وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس عندما قالت أن ما يجري في لبنان هو مخاض لولادة شرق أوسط جديد.
- المناداة بالحرية والديمقراطية كسبيل للهيمنة على الشرق الأوسط.
إن الديمقراطية في هذا المشروع ليست هدفا للسياسة الخارجية الأمريكية، بل هي أداة من أدواتها، فالديمقراطية وإزالة الطغاة (حسب تعبير جورج بوش) ستكون وسيلة للنهب الاقتصادي، وغطاءًا للسيطرة والاحتلال،والدعوة إلى تطبيق الديمقراطية مجرد سلاح موجه إلى الدول المارقة يهدف إلى الإفادة من الميل الداخلي للتخلص من الاستبداد بنشوء نزعات ديمقراطية لدى قطاعات من المثقفين والساسة، ومن الأقليات الإثنية والدينية التي تسعى لفرض سيطرتها أو التخلص من سيطرة أقليات أخرى، وهذا ما جعل بعض الباحثين يذهب إلى أن مشروع الشرق الأوسط الكبير قد لا يرسخ النظام الديمقراطي بقدر ما يميل إلى تأسيس أنظمة استبدادية تضمن مصالح الشركات الأمريكية الاحتكارية.
- التصورات الأمريكية والغربية والإسرائيلية للشرق الأوسط:
تتضح ملامح الشرق الأوسط من وجهة النظر الأمريكية من الوثيقة التي أعدتها وكالة التنمية الدولية الأمريكية في الثمانينيات من القرن الماضي ، تحت عنوان ( التعاون الإقليمي في الشرق الأوسط) وقدمتها إلى الكونجرس وشاركت في إعدادها ثماني وزارات،ومراكز بحوث على رأسها الأكاديمية الأمريكية للعلوم.
وقد أكدت الوثيقة على أهمية العمل في بناء تعاون إقليمي في الشرق الأوسط يقوم على مرتكزين أساسيين هما :
- المرتكز الجغرافي والاقتصادي، كبديل عن التعاون الإقليمي المبني على أساس قومي سياسي.
- المرتكزالاقليمي العربي، وهو اعتراف العرب بإسرائيل وإدماجها في النظام الإقليمي للمنطقة.
بالنسبة إلى البعد الجغرافي فالوثيقة تتجه إلى التأكيد على قيام بنية إقليمية تظم دول الشرق العربي بجانب إسرائيل وإيران وتركيا، ويكون ذلك على أساس اقتصادي عبر مراحل ثلاث ، قصيرة ومتوسطة وطويلة الأجل على النحو الأتي :
1- تنمية التعاون في مجالات علمية وتكنولوجية في المرحلة القصيرة ، مع شق الطرق الإقليمية وإقامة محطات للاتصال وبحث بدائل للطاقة بجانب السياحة والطب.
2- تطوير مصادر المياه بصفة أساسية، في المرحلة متوسطة الأجل من خلال مشروعات مختلفة مثل البحر الميت، خليج العقبة، نهر الأردن، الشاطئ الشرقي للبحر المتوسط، شبه جزيرة سيناء.
3-أما في المرحلة طويلة الأجل، يتم تجاوز الأبنية السياسية المتعارضة، والمشكلات التي تعرقل العلاقات مثل الصراع العربي – الإسرائيلي من خلال تنمية البنية الاقتصادية وفتح الأسواق المحلية.
وقد اقترح بريجنسكي مستشار الأمن القومي الأمريكي الأسبق قيام اتفاق بين دول الشرق الأوسط على غرار مؤتمر الأمن والتعاون الأوربي ، يضم كل دول المنطقة، وكانت أزمة وحرب الخليج الثانية قد دفعت بهنري كيسنجر إلى الحديث عن أهمية ضلوع الولايات المتحدة في الشرق الأوسط من خلال ،الحد من التسلح ورعاية اتفاق التنمية الاقتصادية والاجتماعية وتقديم برنامج دولي لحصار الإرهاب ومعاقبته بصرامة ، وقد تم تفعيل هذا البند بعد أحداث سبتمبر، من خلال الإبقاء على ميزان قومي إقليمي ودولي ، ليتمكن من الظروف التي تخلف فراغا سياسيا يغري بعض الدول الراديكالية بالتقدم لحل النزاع العربي الإسرائيلي2.
وكان جيمس بيكر وزير الخارجية الأمريكية الأسبق قد عبر عن نفس المعنى بقوله ( أن الولايات المتحدة الأمريكية تعتبر امن الشرق الأوسط وحدة لاتتجزا) ،كما أن مبدأ توازن القوى يقتضي عدم استبعاد الدول الإقليمية الأخرى من المنطقة وضمان الأمن من خلال إقامة مؤسسات وتنظيمات إقليمية مستقلة ودائمة لتوفير الاستقرار مع استعداد الولايات المتحدة وبريطانيا في هذه الترتيبات.
ومن نافلة القول أن التصورات الغربية والأمريكية لاتختلف عن التصورات الإسرائيلية عن الشرق أوسطية ولكنها تختلف جذريا عن التصور العربي في تحديد هوية هذه المنطقة ففي الوقت الذي يركز فيه العرب على التاريخ والثقافة للتأكيد على وجود امة عربية، يركز المفهوم الغربي على الجغرافيا والاعتبارات الإستراتيجية والاقتصادية للتأكيد على وجود شرق أوسط، وتعتبر الفكرة العربية للشرق الأوسط مشروع سياسي وحضاري متكامل ،بينما تضع الفكرة الثانية أساسا للافتراق بصورة غير مرغوب فيها مع دول الجوار الجغرافي.
أما النظرة الغربية للشرق الأوسط فتدور حول المؤسسات الغربية التي بادرت دائما وبصورة خاصة في مؤتمر مدريد أواخر عام 1991 والتي اقترح فيه توفير الموارد الذاتية لكي تضمن للمشروع الشرق أوسطي القيام والاستمرار ، ذلك الاستمرار الذي يقصي فيه النظام العربي لأنه نشا مفتقدا إلى الموارد الذاتية الضرورية لتحقيق التكامل أو الأمن الإقليمي وعندما توفرت له هذه الموارد تم استنزافها وتبديدها في النزاعات والخلافات العربية – العربية وإيداعها في المصارف وأسواق المال الغربية الكبرى ، وعلى الرغم من الإمكانيات التي تنجم من عملية التسوية وقيام دول المنطقة بتجديد تجارتها الخارجية وفتح أسواقها أمام بعضها البعض ، أي بين العرب وإسرائيل ، فان هناك ضرورة هامة لاستمرار المشروع الشرق أوسطي يتمثل بالمساعدات الغربية الحكومية وغير الحكومية، وتلك التي يقدمها البنك الدولي وكذالك المساندة السياسية، وأيضا أهمية حدوث المزيد من اندماج اقتصاديات الشرق أوسط في الاقتصاد العالمي، بعبارة أخرى أن يكون التكامل الإقليمي موجها للخارج بحجة توفر ضمان استمراره.
إن التحركات الأميركية العسكرية والدبلوماسية تتبع إستراتيجية تتمحور حول تحديث وتطوير القدرات العسكرية الأميركية واقتناء مخازن نفط جديدة ومحاربة الإرهاب كما يسمونه،كما تترافق العولمة مع عملية الانخراط الاقتصادي والتعاون الإداري على الصعيد الإقليمي،وتؤدي هذه الديناميكية إلى بروز سلطة السوق وبالتالي سلطة الشركات التي تنافس سلطة الدولة . فيتحول دور الدولة بشكل ملموس مع ظهور سلطات جديدة على المستوى العالمي مثل صندوق النقد الدولي ومنظمة التجارة العالمية والبنك الدولي وكذلك على مستويات أدنى من الدولة ، وأيضا على المستوى الإقليمي تترافق العولمة من خلال تحول الدولة كسلطة أساسية في النظام الدولي لأنها تواجه ظهور سلطات منافسة،وبانعدام مؤسسات عالمية فعالة تزداد أهمية هذه الأنظمة الإقليمية،ولا يتعارض ظهور المناطق مع العولمة، مثل الاتحاد الأوروبي واتفاقية التجارة الحرة لأمريكا الشمالية ، بل على العكس هاتان الظاهرتان مترابطتان .
وعليه يمكن ان تعرف المنطقة تقليديا على أنها مجموعة معايير جغرافية وتاريخية ولغوية وثقافية مشتركة ،وان وجدت معايير لتعاون إقليمي فتبقى المناطق وحدات تصنع اجتماعيا، ومشروع الشرق الأوسط الكبير الذي تحاول الولايات المتحدة فرضه في المنطقة،يتوجب إعادته داخل إطاره العام أي التحرك التجاري من اجل الشرق الأوسط الذي أطلق في عام 2003،فضلا عن اتفاق تجارة حرة مع المغرب واتفاقان للتجارة الحرة في المنطقة أحدهما مع إسرائيل والآخر مع الأردن، وبدأت أيضا تفاوضات مع البحرين في عام 2004 وبانتظار اتفاقات قادمة مع دول أخرى في المنطقة،ويتوجب على هذه الإصلاحات الاقتصادية والسياسية المرفقة بالتجارة الحرة وبرامج المساعدات تشجيع التنمية الاقتصادية والانخراط الاجتماعي وبالتالي تقليص مخاطر انعدام الأمن والاستقرار ، وتهدف الخطة المسماة الشرق الأوسط الكبير إلى تغيير الوضع السياسي والاقتصادي في المنطقة الممتدة من المغرب إلى باكستان رأسا على عقب،ويتم البحث حاليا في عدة ملفات منها الديمقراطية والتنمية والأمن،وستمس الإصلاحات خصوصا بالحريات والديمقراطية والإعلام ووضع المرأة الذي يعتبر إحدى ركائز التحديث من خلال إصلاح النظم التربوية وحرية التأسيس والتعددية الحزبية،وهذه الإصلاحات حسب ما يقول بوش نفسه قيد التجريب في دولتين هما أفغانستان والعراق، ومكانة المنطقة الأساسية في سياسة الولايات المتحدة الخارجية ليست بجديدة، فيحتل الشرق الأوسط وزوائده الممتدة من القوقاز إلى آسيا الوسطى مكانا خاصا في إستراتيجية الإمبريالية وخصوصا في مشروع الولايات المتحدة للهيمنة على العالم،بسبب وفرة النفط ووضعها الجغرافي المتوسط ولأنها باتت تشكل عصبا مهما للنظام العالمي ، ونتيجة لذلك سارعت إدارة بوش للسيطرة على مخازن النفط الكبيرة وإرساء الأمن على سوق محتملة عملاقة وإقامة منطقة تجارية حرة في الشرق الأوسط على نموذج منطقة التجارة الحرة الأميركية التي يعترف الأميركيون أنفسهم بأنها مختبر مؤسساتي ليصدر إلى مناطق العالم الأخرى.
واحتلت المنطقة أهمية أساسية في سياسة احتواء السوفيت بعد الحرب العالمية الثانية ،ثم تغيرت الفكرة إلى محاربة الإرهاب الدولي وفي هذا المجال لم تتنازل المنطقة عن أهميتها من حيث الموقع الجغرافي الاستراتيجي،وبسيطرة الولايات المتحدة على المنطقة قد تتمكن من جعل أوروبا تابعا لها فتصبح رهينة الولايات المتحدة في مجال تزويدها بالنفط لأنها ستسيطر على الموارد وعلى توزيعها أيضا وتراقب روسيا عن كثب وتحتوي صعود القوة الصينية أو تشارك فيه،وتؤدي خطة السيطرة على المنطقة من قبل الولايات المتحدة إلى تطبيق سياسة مونرو، وتمثل هذه السياسة تنفيذ الرؤى المهيمنة للولايات المتحدة.
إن تحالف الولايات المتحدة الأميركية والدول الغربية وإسرائيل ليس فقط نتيجة تأنيب الضمير الغربي إزاء التطهير العرقي ولا نتيجة خبرة اللوبي اليهودي إنما ترتكز على مصالح مشتركة وخصوصا اقتصادية اختارت بعض الحكومات العربية المضي فيها عبر مدريد وأوسلو في الانضمام للمشروع الأميركي الذي يشجع إسرائيل في سياستها التوسعية، وبقاءها في حالة حرب مستمرة والسيطرة على الشرق الأوسط هي بلا شك جزءا رئيسي في خطة الهيمنة العالمية الأميركية.
وقد أطلقت واشنطن منذ عدة سنوات مشروع السوق المشتركة في الشرق الأوسط حيث توفر دول الخليج العربي رأس المال وتقدم دول عربية أخرى اليد العاملة الرخيصة وتحتل إسرائيل فيها الوظائف التقنية ومناصب الوساطة، وتستخدم نظرية الديمقراطية التي ينشرها الرأي الدولي كنوع من التبرير المعنوي للحرب بعد أن فشلت الحجة الأمنية في إقناع الرأي العربي، وبافتقادهم إلى الوزن الدبلوماسي الكافي والى وسائل ضغط فعالة، تتبنى بعض الأنظمة العربية الرئيسية التي تدرك ضعفها دور أداة الاستقرار ،وتزعم الإدارة الأميركية أن عملية الدمقرطة قد بدأت في أفغانستان والعراق ومن المفترض أن تنبعث في المنطقة بفضل مفعول الديمقراطية وهكذا تنصب الولايات الأميركية أنظمة أكثر صداقة وأكثر تفهما لها مع إقامة قواعد عسكرية أميركية أو لحلف الشمال الأطلسي تساعدها على المضي قدما في هيمنتها على العالم.
إن منطقة الشرق الأوسط ليس لها وجود أو على الأقل لا تتطابق مع المعنى الذي وضعته الولايات المتحدة لها ولا يمكن أن تقام بين ليلة وضحاها بسبب تفاوتات واختلافات اجتماعية ووطنية وثقافية وسياسية كبيرة والاهم من ذلك أن الشعوب التي تمثلها رافضة لهذا المشروع،فكيف يقبل العرب يوما أن يشكلوا منطقة وشراكة مع إسرائيل بينما تقتل نيران جيوشها عشرات ومئات العرب يوما بعد يوم منذ أكثر من نصف قرن.
إن الحرب على أفغانستان والعراق ولبنان وفلسطين وتهديد كل من إيران وسورية بالحصار وبالحرب أن لم توقف دعمهما للشعب الفلسطيني إنما هو محاولة أمريكية لرسم خارطة منطقة الشرق الأوسط من جديد تتلاءم والمصالحة الأمريكية المقامة على الهيمنة والسيطرة وسرقة الثروات، فقد أعادت الحرب على أفغانستان والعراق تشكيل المشهد العالمي للجغرافيا السياسية المبني على توسيع الرقعة الجغرافية للهيمنة والسيطرة والمحافظة على المصالح الجيوسياسية لأمريكا في منطقة الشرق الأوسط وخلق نقاط ارتكاز جغرافية أكبر وأوسع، إضافة للهيمنة على ثروة النفط في المنطقة،فالحرب السادسة على لبنان والتي فرضت أمريكا على إسرائيل استمرارها لأكثر من شهر معتقدةً أنها ستفرض متغيرات جديدة في شرق حوض البحر المتوسط إنما هي جزء من مخطط تعد له أمريكا ونادت وصرحت به تكراراً ومراراً وهو الشرق الأوسط الكبير، لقد كشفت الحروب العديدة في منطقة الشرق الأوسط ووسط أسيا أن المركز الجديد للتنافس العالمي أصبح منطقة جنوب - وسط أوراسيا (أفغانستان ومنطقة بحر قزوين) بالإضافة إلى منطقة شرق حوض البحر المتوسط وشبة الجزيرة العربية وهنا اصطدمت أمريكا بمصالح الدول في هذه المنطقة وخاصة إيران التي تسعى لتصبح دولة محورية عظمى تعمل على نشر فكر الثورة الإسلامية، خاصة بعد استعراض لقوتها العسكرية والنووية مما أخاف أمريكا وبعض الدول في المنطقة من هيمنة إيران وتمدد ثورتها خاصة بعد ظهور قوة حزب الله في المنطقة وتحديداً في الحرب السادسة إضافة للدور المعلن لإيران في العراق وأفغانستان، فكانت فكرة إعادة ترتيب خريطة وسط وجنوب غرب أسيا والتي تشمل أفغانستان وبعض دول الشرق الأوسط لكي يتم العمل على استيعاب إسرائيل ضمن منظومة الشرق الأوسط الجديد معتمدة في ذلك على ضعف الدول العربية ومشاكل الحدود فيما بينها بما يتيح فرصة تفتيت المفتت وتجزئة المقسم وإيجاد كيانات سياسية جديدة ضعيفة وهزيلة مستغلة في ذلك الاختلافات الدينية (مسيحية ،إسلام، يهودية) ومذهبية (سنية ، شيعة) وكذلك وجود أقليات (دروز،أكراد ، بربر،وغيرهم (وعلى هذه الأسس ظهرت فكرة الشرق الأوسط الكبير أو الجديد والذي من المفترض أن يكون من وجهة النظر الأمريكية حل يعيد الاستقرار إلى المنطقة وينطلق من مبدأ جمع الشمل على أساس الدين أو القومية أو الإثنية، مستندا إلى معطيات ديموغرافية، مما سيشكل إعادة تصحيح الحدود الراهنة، ففي تقرير وضعه الجنرال الأمريكي رلوف بيترز أشار فيه أن إسرائيل لا تستطيع العيش في المحيط التي تتواجد فيه ولهذا لا بد من فصلها عن جيرانها بسبب الاختلاف الديني،المبدأ نفسه يفترض أن ينطبق على الطوائف والمذاهب والإثنيات التي تعجز عن التعايش في المحيط الذي تعيش فيه فيما بينها، بحيث تجمع كل طائفة أو إثنية في كيان سياسي مستقل، فالأكراد على سبيل المثال هم أكبر قومية موزعة على مجموعة من الدول ، والدروز مفتتين في أكثر من دولة ويضيف الجنرال الأمريكي، أن الدولة المستهدفة في المرحلة المقبلة بالتقسيم أو الاستقطاع هي إيران، تركيا، العراق، السعودية، باكستان، الإمارات وسوريا، وهناك دول سوف يتم توسيع حدودها الجغرافية لأغراض سياسية وإستراتيجية، كاليمن والأردن وأفغانستان. وفي محاولة لرسم جغرافية المنطقة وخريطتها بشيء من التفصيل داخل مصطلح الشرق الأوسط والذي ليس له دلالة جيوسياسية دقيقة ولا جيوثقافية ولا حضارية ولا اقتصادية ولا جيواستراتيجية ، كما أنه لا يدل على حيز جغرافي أو أثني وذلك في محاولة لاستيعاب دولة إسرائيل والتي لا تتفق مع هذا الإقليم لا في الثقافة ولا في الدين ولا في الحضارة، وهكذا بات صانعوا القرار في أروقة السياسة الأمريكية مقتنعين بأن التفتيت الطائفي والعرقي هو من أهم الوسائط التي يمكن الاعتماد عليها لرسم خارطة الشرق الأوسط الجديد، ربما تحمل الكونفدراية شعارهم الأول نحو تفتيت الدول التي تتمتع بتنوع عرقي كما هو الحال في العراق وهذا التوجه سوف يقسم كل من تركيا وإيران إلى عدد كبير من الدويلات الضعيفة بدعم من الولايات المتحدة الأمريكية إذ يتواجد البلوش والعرب والفرس والكرد والتركمان والأذربيجانيين في إيران لوحدها وأن هذا التقسيم سوف يجعل من إيران طبيعة جغرافية مفككة إلى أبعد حد ممكن ، قياساً إلى التنوع الطائفي الذي تتميز به الحضارة الفارسية ، كما يوجد البربر والأمازيغ في جنوب الجزائر، والمسيحيين في جنوب السودان، والأقباط في جنوب ووسط مصر، ولهذا فأنهم جاؤوا بحملة الشعارات الطائفية والعرقية إلى العراق ليجعلوا منه نموذجاً ثابتاً ومطبقاً على كافة دول الشرق الأوسط وستعتمد خريطته على التقسيمات العرقية والدينية والمذهبية على شكل ثلاث دويلات كردية وسنية وشيعية.
فمن خلال خريطة الشرق الأوسط الكبير سوف تقوم في العراق ثلاث دويلات، الأولى كردستان في الشمال، الثانية سنيستان أي الدولة السنية ، والثالثة شيعستان ، فالدولة الكردية سوف تكون في شكل كردستان كبرى لأنها سوف تشتمل على كردستان وأجزاء من العراق مثل كركوك وأجزاء من الموصل وخانقين وديالي، وأجزاء من تركيا وإيران هي مواقع التجمعات الكردية، بالإضافة إلى اقتطاع جزء من سوريا وأرمينيا وأذربيجان، مما يعني أن الدولة الجديدة بثرواتها البشرية والنفطية واتساعها الجغرافي ستكون الدولة الأولى الموالية للغرب وإسرائيل في المنطقة، وبما يضمن لهذه الدولة التحكم بالمياه في نهري دجلة والفرات قبل أن تصل إلى الشيعة أو السنة،أما الدولة الشيعية فسوف تقوم في جنوب العراق والجزء الشرقي من السعودية والأجزاء الجنوبية الغربية من إيران، وسوف تشكل حزاماً يحيط بالخليج العربي والدولة السنية سوف تنشأ على ما تبقى من أرض العراق وقد تندمج بسوريا أو أجزاء منها إذا ما تم الأخذ بعين الاعتبار إقامة كيان للدروز في أجزاء من لبنان وسورية وهضبة الجولان.إن مشروع الشرق الأوسط الجديد يأخذ بعين الاعتبار انتشار المسلمين في جميع أصقاع العالم وتوجههم سنوياً للحج إلى مكة المكرمة مما يعني ضرورة تدويل هذه المدينة على طريقة الفاتيكان تضم الأمكنة المقدسة وتكون مفتوحة لمسلمي العالم كله، ويكون ذلك من خلال تقسيم السعودية إلى دولتين، بعد اقتطاع أجزائها الشرقية للدولة الشيعية، وأجزاء أخرى لمصلحة اليمن والأردن، من اجل توسع الحدود اليمنية والأردن الكبير، كما تقضي خريطة الشرق الأوسط الكبير إلى ضم أجزاء من فلسطين إلى الأردن ليستوعب كل فلسطينيي الداخل والشتات في ما يسمى بالأردن الكبير، وربما يأخذ بعين الاعتبار مسألة تعديل حدود الجدار الفاصل في الضفة الغربية لصالح هذا المشروع وان الإدارة الأمريكية بهذا المشروع وبهذه الخريطة إنما تسعى لرسم الحدود النهائية للكيانات السياسية في الشرق الأوسط الجديد على أسس دينية - إثنية، بما يضمن حل إشكالية إسرائيل الوجودية، فالمشروع يعمل على إلغاء الخرائط الاستعمارية القديمة التي رسمتها قوى الاستعمار من خلال اتفاقية سايكس - بيكو والتي لم تعد هذه الخرائط تتماشى والمصالح الأمريكية في المنطقة مستغلة في ذلك التغيرات القومية والطائفية والدينية التي طرأت على البلدان المعنية بالتقسيم والاقتطاع والتي ظهرت من خلال الزيادة السكانية للأقليات والمجموعات الإثنية، لذلك فإن مشروع كردستان الكبرى بالإضافة إلى الأردن الكبير يمثلان الحل الأمثل للمشكلة الكردية من جهة والقضية الفلسطينية من جهة أخرى حسب الرؤية الأمريكية، الأمر الذي يرفع عبئاً ثقيلاً جداً عن إسرائيل المتخوفة من تطورات ديمغرافية قد تكون في صالح الفلسطينيين في السنوات القادمة وعليه سيكون من المستحيل تطبيق هذا المشروع أو إخراجه لحيز الوجود إلا من خلال رفع العقبات من أمامه والمتمثلة في قوى المقاومة والممانعة في الشرق الأوسط مثل المقاومة اللبنانية والفلسطينية، وما الحرب على لبنان إلا الخطوة الأولى في القضاء على المقاومة اللبنانية وما الحصار على الحكومة التي شكلتها حماس إلا جزء من مخطط التمهيد لتطبيق هذا المشروع، فمن المتوقع أن يتم تأجيج نار الخلاف والاختلاف مع المقاومة الإسلامية في لبنان، وأن يزداد الضغط على الحكومة الفلسطينية وتوسيع عمليات الاغتيال لقيادات المقاومة الفلسطينية واللبنانية، وسوف تليها المرحلة اللاحقة في التركيز على دولتي الممانعة والرفض في المنطقة أي سوريا وإيران، وقد يكون المقصود، في نهاية المطاف، إدخال المنطقة كلها في إستراتيجية الفوضى المقصودة وإشراك لبنان وإسرائيل في إشعال الفتن المذهبية والطائفية والفصائلية في العراق وفلسطين وسورية 5.
إن الحراك السياسي الراهن لتفعيل المبادرة العربية للسلام التي يعود عمرها الزمني إلى خمس سنوات مضت، حينما أقرها العرب في قمة بيروت 2002م وفعّلوها في قمة الرياض 2007م، إضافة إلى التصريحات والمقترحات الأمريكية والإسرائيلية المتلاحقة لفتح أفق سياسي للسلام، في الوقت الذي تعيش فيه واشنطن مأزقاً داخلياً وخارجياً.
إن التحركات الأمريكية الأخيرة تشابه تلك التي شهدتها الدبلوماسية الأمريكية في أوائل عهد الرئيس جورج بوش الابن لإيجاد حلول جزئية لملف القضية الفلسطينية، كخريطة الطريق واللجنة الرباعية الدولية، والتي أثبتت جميعها صفتها الاستعراضية الفارغة من أي محتوى، فيما جوبهت بتحفظ ورفض إسرائيلي استتبع أخيراً بموافقة مشروطة للمبادرة بالمطالبة بتعديلها، وباستباق التطبيع على السلام.
إن دور المقاطعة العربية ومقاومة التطبيع لإحباط مخطط الهيمنة الصهيونية الأمريكية على المنطقة العربية والشرق أوسطية برمتها، لان عملية المفاوضات والسلام وصلت منذ زمن بعيد إلى طريق مسدود، وأن كل الاتفاقيات التي عقدت برعاية أمريكية أو دولية بين السلطة الفلسطينية ودولة الاحتلال قد تفككت وتشظت بقوة مرعبة على صخرة ممارسات القتل والتدمير والاستيطان الإسرائيلي6.
إن عملية السلام ماتت وانتهت إسرائيليا، فأقطاب إسرائيل من بن غوريون إلى أشكول إلى مائير إلى بيغن إلى رابين إلى شامير إلى باراك إلى نتنياهو إلى شارون وصولا إلى أولمرت كانوا قد أعلنوا صراحة أن لا سلام مع العرب، وان أوسلو قد ماتت، وأن التسوية الدائمة مع الفلسطينيين مستحيلة.
إن قادة إسرائيل ربطوا بين رؤية بن غوريون لعام 1937م للدولة اليهودية ذات الأبعاد التوراتية وبين مشروع الشرق الأوسط الكبير وبين رؤيته وبين السياسة الأمريكية الخاصة بالشرق أوسط الجديد، موضحاً بأن حديث بعض القادة كرئيس الوزراء الإسرائيلي أيهود أولمرت ووزير الحرب الإسرائيلي الأسبق شاؤول موفاز عن ترسيم حدود إسرائيل خلال العامين القادمين يعني الإبقاء على المستوطنات المركزية والمحافظة على القدس الموحدة وغور الأردن، وهو أمر لن يتم بالتأكيد عبر مفاوضات حقيقية مع الفلسطينيين وإنما عبر إجراءات أحادية الجانب.
والتطورات الأخيرة في المشهد الفلسطيني التي تمخضت عما يسميه الإسرائيليون دويلة حماستان أو بانتوستان - حماستان في غزة المعزولة تماما عن خريطة الدويلات أو البانتوستان الأخرى الموزعة على مساحة الضفة الغربية، ما يثير تساؤلات حول مشروع الاستقلال وإقامة الدولة الفلسطينية، ومصير ما أطلق عليه خارطة الطريق و خطة قامة دولتين، فلسطينية وإسرائيلية.
ولأجود لأي أفق سياسي حقيقي لقيام دولة فلسطينية في المستقبل المنظور بعد تدهور الأوضاع الفلسطينية الداخلية، فيما باتت المهمات الملحة والعاجلة المطروحة على الأجندات الفلسطينية تتعلق بكيفية لململة الأوضاع والأوراق الفلسطينية، وتحقيق المصالحة والتعايش الفلسطيني بين الفصائل، والتصدي للمحاولات الإسرائيلية الرامية لفصل الضفة عن القطاع، وذلك بعد أن كانت في وقت سابق تتركز حول بناء مقومات الاستقلال والدولة.
إن الخطط الأمريكية الإسرائيلية الحالية للإعلان عن دولة فلسطينية منزوعة السلاح والسيادة وذات حدود مؤقتة حتى نهاية عام 2007م كبديل مرحلي عن التسوية الدائمة، يعني تصفية القضية والحقوق الوطنية الفلسطينية، وأن كافة خطط المؤسسة الأمنية والسياسية الإستراتيجية الإسرائيلية وخرائطها ليست جديدة، بل هي قديمة متجددة تنطوي على المضامين والأهداف الصهيونية الأساسية، والتي يمكن إحباطها ودحرها إذا توافرت الخطة الإستراتيجية والإرادة السياسية العربية خلف إرادة الصمود والتصدي الفلسطينية.
كما أن الفكر الصهيوني يرفض حق عودة اللاجئين الفلسطينيين رفضاً مطلقاً، وينادي بالتوطين سبيلا لتصفية القضية نهائياً، وذلك في إطار موقف مجمع عليه من كافة التيارات السياسية الإسرائيلية ولم يطرأ عليه أي تغيير .
إن الإدراك الإسرائيلي لهذا الدور ينطلق من أولوية إسرائيل للمصالح الغربية ومن مركزيتها في النظام الشرق الأوسطي واعتبارها الحليف الدائم للغرب وحليفا إستراتيجيا للسياسة الأمريكية في المنطقة العربية حيث يقول اسحق شامير رئيس الوزراء الصهيوني الأسبق(يجب أن نبحث عن دعائم إضافية للحلف الاستراتيجي بيننا وبين الولايات المتحدة طالما لم يتغير الشرق الأوسط ولو كنت مكان الولايات المتحدة ماكنت أرى العرب حليفا يعتمد عليهم ، ويضيف في كلامه يجب أن تتذكروا أن كانوا يريدون حقيقة التوصل إلى سلام مع إسرائيل يجب عليهم أن يأخذوا بالحسبان أن إسرائيل ليست مجرد دولة في الشرق الأوسط، بل هي نصف الشرق الأوسط، وبناءا على ذلك فان إسرائيل تستحق اعتبارا خاصا) ،ولعل إسرائيل تطمح إلى زيادة نفوذها في واشنطن وتعزيز مركزها كشريك في المشروع الامبريالي خصوصا بعد وصول أمريكا إلى المياه الدافئة وبصورة رسمية ،وذلك من خلال الرؤيا الإسرائيلية القائلة ( أن مساهمة إسرائيل فريدة من نوعها بين سائر الحلفاء للولايات المتحدة ففي الوقت الذي يكلف الدفاع الأوربي الولايات المتحدة 100مليار دولار ويشغل 300الف جندي أمريكي، فان الدفاع في الشرق الأوسط يكلف الولايات المتحدة عبر إسرائيل 3مليارات دولار بالسنة ودون الحاجة إلى جندي أمريكي واحد) .
أما ارئيل شارون فيقول ( لقد حصلت إسرائيل من الولايات المتحدة منذ قيامها وحتى ألان على هبات وقروض بقيمة44 مليار دولار ،لكنها قدمت للولايات المتحدة بالمقابل خدمات أمنية ، وكانت بالنسبة لها ثروة سياسية وأمنية تساوي 100 مليار دولار ، ومساهمة إسرائيل هذه كبيرة واهم للولايات المتحدة من الحلف الأطلسي) . وهذا مادفع دان شمرون إلى مطالبة الولايات المتحدة بفارق المبلغ ويضيفB.Sber أن إسرائيل بالنسبة للولايات المتحدة بمثابة خدمة حربية كامنة على أهبة الاستعداد لتلبية النداء في أي وقت ومكان، ويوسع سيمحا دينس هذا المفهوم معتبرا أن إسرائيل ثروة إستراتيجية للولايات المتحدة بسبب موقعها الجغرافي وتقدمها التكنولوجي وقوتها العسكرية واستعدادها السياسي وتوجهها الغربي،وبعد احتلال العراق ظهرت فكرة مفادها أن الشرق الأوسط مؤلف من مجتمعات إسلامية تقليدية تمر بعملية تحديث سريعة مقرونة بكثير من الغليان والعنف وعرضة لتقلبات معادية للغرب وساعية لتحقيق أهداف متعصبة تتجاوز حدودها،وفي وسط هذه الصورة تمثل إسرائيل بالنسبة للغرب جزيرة من التعقل والوفاء، ومن هنا تنبع أهميتها الحيوية وليس من دور متوهم من مواجهة أعداء الولايات المتحدة ، هذا ما جاء بحديث شمعون بيريز.
أما المحلل الإسرائيلي افراييم سينيه فيؤكد على أربع مشكلات يجب تسويتها لضمان استقرار النظام الشرق أوسطي ممثلة بالاتي :
- عدم التوازن بين وفرة الموارد الطبيعية لبعض الدول العربية وبين قدراتها الدفاع عن نفسها.
- تفاوت الثروات في المنطقة بين الدول الفقيرة كثيفة السكان وذلك لان أهم أسس النظام الجديد هو أن يتم تكوين نظام شرق أوسطي للاستثمارات والتطوير بالمنطقة.
- امن إسرائيل، وفي هذه النقطة ينبغي خفض السلاح التقليدي مما يؤثر سلبا على العرب ويضيف يجب استثناء إسرائيل من هذا الشرط.
إن مشروع الشرق الأوسط من وجهة نظر إسرائيل يمتد من مصر إلى منطقة المشرق العربي ، ويهدف هذا المشروع إلى اتخاذ إجراءات لبناء الثقة بين العرب وإسرائيل وهي إجراءات تقتضي تقديم تنازلات من قبل العرب حول قضايا الأرض والمياه والتنمية الإقليمية المشتركة ، وحتى الأمن والإطار التنظيمي والمؤسسي للمنطقة .
فالمشروع الإسرائيلي للشرق الأوسط الجديد إنما يهدف إلى تثبيت الهيمنة الإستراتيجية الإسرائيلية على المنطقة العربية من خلال دور مركزي في تحديد صياغات وترتيبات الأمن القومي وفي أداء دور امني بارز في الدفاع عن منابع النفط في الخليج العربي عن طريق اشتراك إسرائيل في توجيه أرصدة النفط من اجل تنمية مشتركة .
أما واقع الدوائر والأنظمة الفرعية التي يحددها المشروع الإسرائيلي للشرق الأوسط الجديد فيلاحظ أن إسرائيل تحدد هذه الدوائر ومدى الرغبة في توسيعها مع التقدم في احتمالات التعاون المختلفة خارج مسار التعاون الثنائي ، فثمة منطقة تجارية حرة مع الأردن وأخرى مع الكيان الفلسطيني ، وهناك نظام إقليمي أخر فرعي يشمل دول الخليج العربي وتركيا وإسرائيل ، وهذا كله إنما يعني السيادة الإسرائيلية الإستراتيجية في المنطقة العربية مثلما خططت لها الولايات المتحدة وعليه يمكن القول أن المشروع الإسرائيلي الشرق أوسطي قد وضع في الاعتبار تطابق دوائر نظرية الأمن الإسرائيلي المعروفة والتي تمتد من باكستان حتى المغرب ، مع دوائر التوسع التكنولوجي في المجالين المدني والعسكري ، وكذلك التفوق المعلوماتي والنووي على أساس احتكار تلقي المساعدات،وبطبيعة الحال فهذا المشروع يعطي إسرائيل إمكانية السيطرة والتحكم في تطورات المنطقة سواء أكانت اقتصادية أم سياسية.
- دور إسرائيل في إشعال الحرب على العراق لرسم خريطة الشرق الأوسط الجديد.
يشكل اللوبي الصهيوني قوة أساسية في الولايات المتحدة ويقوم بصنع القرار الأمريكي المتعلق بقضايا الشرق الأوسط الكبير وبشكل خاص الصراع العربي الصهيوني وقضية فلسطين،ونجح بالتغلغل في أهم المراكز الرئيسية والحساسة في الإدارة الأمريكية إبان عهد الرئيس كلينتون،فلأول مرة في تاريخ الولايات المتحدة يتولى اليهود أهم المناصب التي تتحكم في الإستراتيجية الأميركية العالمية الشاملة والسياسة الخارجية في وزارة الخارجية والدفاع ورئاسة مجلس الأمن القومي والمخابرات المركزية، واختار آل كور اليهودي المتعصب والمؤيد لإسرائيل جوزيف ليبرمان نائباً له في انتخابات الرئاسة لعام 2000.، واختيرت مادلين أولبرايت كأول امرأة أمريكية لمنصب وزيرة الخارجية، وتولى الجمهوري اليهودي وليم كوهن منصب وزير الدفاع إبان إدارة الرئيس الديمقراطي كلينتون، وشغل صموئيل بيرجر منصب مستشار الأمن القومي وجون دوتيش مدير الاستخبارات المركزية الأمريكية، بالإضافة إلى تغلغل اليهود في وزارتي المالية والدفاع، وتولى اليهودي جرينسبان منصب مدير البنك المركزي الأمريكي، وهو الذي يحدد أسعار الفائدة والعملة في الولايات المتحدة الأمريكية وبالتالي أوضاع بورصة نيويورك، واحتل اليهود أهم المناصب في البيت الأبيض خلال إدارة الرئيس كلينتون الأولى والثانية.‏
وقد سيطروا بشكل تام على مراكز البحوث والدراسات السياسية والإستراتيجية والإعلامية والصحفية، وبالتالي أحكموا سيطرتهم على صنع القرارات الخارجية الأمريكية فيما يتعلق بالمنطقة العربية والإسلامية،وأصبح الرئيس كلينتون والرئيس بوش الأب كدمى يحركها ويوجهها اللوبي اليهودي الأمريكي و تولى اليهود الأمريكيون وغالبيتهم من المنضمين والمؤيدين لليكود المفاوضات مع القيادة الفلسطينية لفرض الحل الصهيوني عليها وتصفية قضية فلسطين.‏
وعلى الرغم من ذلك لم يكتف بنيامين نتنياهو رئيس وزراء إسرائيل الأسبق بذلك، بل هدد بحرق البيت الأبيض عندما اختلف مع الرئيس كلينتون، وبالفعل فجّر له فضيحة مونيكا لوفينسكي، مما حوّل الرئيس كلينتون إلى أسير في أيدي اللوبي الصهيوني،ونجحوا بابتزازه تماماً كما فعلوا مع الرئيس ليندون جونسون من خلال عشيقته الإسرائيلية، عميلة الموساد ماتيلدا كريم.‏
تعزز التحالف بين المحافظين الجدد واللوبي الصهيوني والرئيس بوش ونائبه ديك تشيني ووزير حربه رامسفيلد والليكود بزعامة مجرم الحرب شارون،وتبنى الرئيس الأمريكي مخططات شارون بالكامل وأعطاه الضوء الأخضر للاستمرار في إبادة الشعب الفلسطيني وتدمير منجزاته ومصادر عيشه لكسر إرادته وفرض مشروعه للتسوية تحت ستار خريطة الطريق التي استوحاها بوش من مشروع شارون للتسوية،وأدى هذا التغلغل الذي لا مثيل له على الإطلاق لا في تاريخ الولايات المتحدة أو حتى في أي دولة من دول العالم، إلى إدارة اليهود للسياسة الأمريكية في البلدان العربية والإسلامية لصالح إسرائيل والصهيونية العالمية،ويؤدي إيمان اليهودي بازدواجية الولاء وبأن إسرائيل هي دولة جميع اليهود في العالم وممثلهم الشرعي الوحيد إلى تقديم اليهود مصالح إسرائيل على مصالح الولايات المتحدة،وبالتالي يعمل يهود الولايات المتحدة لصالح وطنهم الأم إسرائيل أولاً وقبل كل شيء، وبالتالي يتحوّل يهود أمريكا إلى عملاء وجواسيس لإسرائيل مما يلحق أفدح الأضرار بالأمن الوطني والقومي للبلدان العربية والإسلامية، وتعتبر قضية الجاسوس جونثان بولارد دليلاً واضحاً على ذلك .‏
لقد استطاعت الصهيونية العالمية واللوبي اليهودي في الولايات المتحدة بتأسيس ما يسمى مجموعات التفكير وغرستها في الحزبين الديمقراطي والجمهوري، وتمكّن هؤلاء من تعيين موظفين يهود في أماكن حساسة في الدولة الأمريكية، عبر الحزبين الأمريكيين، مهمتهم الأساسية توجيه القرارات والمواقف والممارسات الأميركية لصالح إسرائيل ضد قضية فلسطين والوحدة العربية والعروبة والإسلام،ونجح اللوبي الصهيوني بتكليف اليهودي دنيس روس بإدارة المفاوضات الفلسطينية ـ الإسرائيلية، وبدأ اليهود بتسويق استخدام القوة العسكرية والحروب الاستباقية على البلدان العربية والإسلامية لفرض الهيمنة على الشرق الأوسط الكبير كمقدمة لفرض الهيمنة الأمريكية على العالم، لتسويق مخططات الشرق الأوسط الجديد التي وضعتها إسرائيل،ويأتي بول ولفوويتز، نائب وزير الحرب الأمريكي في مقدمة الذي تبنوا ونادوا بالقضاء على النظام العراقي منذ عام 1979 وبالتحديد بعد انعقاد قمة بغداد العربية التي أوقفت تعميم كامب ديفيد.‏
وجاءت الحرب على العراق تجسيداً للمخططات التي وضعها بول ولفوويتز عام 1979 واللوبي الصهيوني والحكومات الإسرائيلية وذلك بعد محاصرة نظام السادات ونقل الجامعة العربية من القاهرة إلى تونس وتقديم الدعم المالي للأردن وسورية ومنظمة التحرير الفلسطينية لتعزيز الجبهة الشرقية وتحرير الأراضي العربية المحتلة، وقررت الصهيونية العالمية وإسرائيل إعلان الحرب على الإسلام بعد انهيار الاتحاد السوفيتي والمعسكر الاشتراكي، لأنهم يخشون من تحوّل الصراع العربي الصهيوني من صراع قومي إلى صراع ديني ويخشون من الربط بين العروبة والإسلام،وجاء اليهودي صموئيل هنتنجتون، الأستاذ في جامعة هارفارد ووضع نظرية صدام الحضارات، تبنتها إدارة الرئيس بوش، كما تبنت المخطط الذي وضعه اليهودي برنارو لويس حول الشرق الأوسط الجديد،وتبنت الإدارة الأمريكية بعد استغلالها للإسلام وأموال دول الخليج العربية وهزيمة الجيش السوفيتي في أفغانستان وانهيار الشيوعية (نظرية المواجهة مع العالم الإسلامي التي وضعها اليهود في الولايات المتحدة وعلى رأسهم دانيل يايبس وبرنارد لويس ومارتن كرام)، وأخذت مراكز البحوث والدراسات اليهودية والمراكز الأمريكية الأخرى والتي يعمل فيها اليهود تروِّج إلى محاربة الإسلام والدول القومية العربية لتنفيذ المخطط الذي وضعته الصهيونية والكيان الصهيوني بإعلان الحرب العالمية على الإسلام.‏
أخذت إسرائيل تسعى سعياً حثيثاً للإسراع بإشعال الحرب على العراق وعارضت فكرة قبول العراق لعودة المفتشين الدوليين، وطالبت مراراً وتكراراً بالإسراع في الحرب للقضاء على النظام العراقي وضمان نزع أسلحة الدمار الشامل الموجودة لديه، وأكد نتنياهو رئيس وزراء إسرائيل الأسبق على أهمية استمرار الولايات المتحدة في خطتها الهادفة إلى ضرب العراق وتغيير النظام فيه، فلا شيء آخر يضمن تدمير أسلحة العراق المحظورة فالإستراتيجية الصهيونية تقوم على تفتيت الدول العربية الكبيرة لضمان تهويد فلسطين وتحقيق المشروع الصهيوني وتولي قيادة النظام الإقليمي الشرق أوسطي الجديد أو الكبير كمقدمة لفرض هيمنة الصهيونية على المنطقة وعلى العالم،وقد ورطت الولايات المتحدة بمساعدة من بعض الحكام العرب النظام العراقي في حربه ضد إيران وطلبت من بعض دول الخليج العربية المساعدة في تمويل الحرب على إيران، ولكن الجيش العراقي خرج قوياً من الحرب مما قد يشكِّل تهديداً في المستقبل لإسرائيل،لذلك نجح اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة ونجحت إسرائيل في إقناع إدارة الرئيس بوش الأب والابن بوجوب تدمير الجيش العراقي للحفاظ على أمن إسرائيل والاستقرار في المنطقة، وعملت الولايات المتحدة مجدداً عن طريق نفوذها على بعض الشخصيات العربية الحاكمة على توريط النظام العراقي مجدداً في الحرب على الكويت ، ولا يزال المرء يذكر الدور الذي قامت به السفيرة الأمريكية في بغداد في تشجيع النظام على احتلال الكويت ولا تزال مختفية عن الأنظار حتى اليوم،وأقام بوش الأب التحالف الدولي تحت ستار تحرير الكويت وأعلن الحرب على العراق في عام 1991 بعد أن سحب النظام العراقي قواته من الكويت وقام بتدميرها في طريق انسحابها من الكويت إلى البصرة خدمة لإسرائيل وللمصالح الأمريكية في الخليج.‏
فالولايات المتحدة وإسرائيل تعملان للهيمنة على منطقة الشرق الأوسط والقضاء نهائياً على الوحدة العربية والنظام العربي، لذلك أصبحت قضية العراق وجيشها القوي ومخزون النفط الهائل فيه تمثل محور الهيمنة على المنطقة،ويقول ديفيد ويرمسير من معهد الدراسات الإستراتيجية والسياسية المتقدمة أن من يسيطر على العراق يتحكم استراتيجياً في الهلال الخصب وبالتالي الجزيرة العربية، لذلك أصبح تغيير النظام العراقي مصلحة أمريكية وإسرائيلية، وبعبارة أوضح أقنع يهود أمريكا وأقنعت إسرائيل إدارة الرئيس بوش الابن بوجوب القيام بالحرب على العراق،وكشف ديك تشيني نائب الرئيس الأمريكي خلال زيارته لمنطقة الشرق الأوسط عام 2002عن مصلحة إسرائيل في تغيير النظام العراقي وقال أن الهجوم الأمريكي على العراق هو أولاً وأخيراً من أجل إسرائيل،وللإسراع في الحرب الأمريكية على العراق تحدث الليكودي ريتشارد بيرل، رئيس مجلس سياسة الدفاع في وزارة الحرب الأمريكية في محاضرة له أمام معهد أبحاث السياسة الخارجية في فيلادلفيا، في 14 \2\ 2001 قائلاً، أن النظام العراقي حاول اغتيال الرئيس بوش الأب عام 1993 أثناء زيارته للكويت وهناك تصور استراتيجي لإيجاد تحالف على شكل حلف الناتو ،وتبنى التيار المحافظ وإدارة الرئيس بوش التصور الاستراتيجي الصهيوني (الإسرائيلي) من الناحية الإستراتيجية لمستقبل المنطقة، لرسم خريطة جديدة لها لإعطاء إسرائيل الدور القائد والمهيمن والقضاء على النظام العربي وعلى دور العرب في العصر الحديث. ‏
ويؤكد اليهودي مارتن أنديك مؤسس معهد واشنطون لدراسات الشرق الأدنى في مقابلة مع مجلة جيروزاليم ريبورت في آذار 2002 أن الولايات المتحدة ستشهد هجوماً عسكرياً على العراق وتتضمن المصلحة المشتركة الأمريكية والصهيونية للحرب الأمريكية على العراق أبعاداً إستراتيجية واقتصادية وسياسية وعسكرية واجتماعية، ويأتي البعد الاقتصادي في مقدمتها.‏
فالحرب أدت إلى الهيمنة الأمريكية على نفط العراق والتي بدورها ستؤدي إلى تحقيق الهيمنة الأمريكية على الاقتصاد العالمي، فالسيطرة الأمريكية على منابع النفط من كازاخستان وحتى السعودية والعراق لمحق الأضرار الفادحة في اقتصاد البلدان الأوروبية وبشكل خاص فرنسا وألمانيا، فالذي يسيطر على النفط وكمياته وأسعاره وممراته يسيطر على الاقتصاد العالمي،وحققت إسرائيل هدفاً استراتيجياً بالقضاء على الجيش العراقي وعلى إقامة جبهة شرقية مستقبلاً، ما يزيد من الأطماع الصهيونية في الأرض والثروات والأموال العربية.‏
لقد نادى اللوبي الصهيوني بعد أحداث 11 سبتمبر الإسراع في إقامة التحالف الاستراتيجي في الشرق الأوسط الكبير من أجل أن تهيمن إسرائيل على المنطقة العربية وتهميش دور مصر والسعودية، وتبنى معهد الدراسات السياسية والإستراتيجية المتقدمة هذا التوجه بإغراء بعض القادة ،وجاءت الحرب الأمريكية على العراق تنفيذاً للمخطط الذي وضعه اليهود في الإدارة الأمريكية وخارجها. وكانت إسرائيل تضغط باستمرار للإسراع في تطبيقه باحتلال العراق وتدميره والإطاحة بالنظام فيه والقضاء على المؤسسات والمنجزات التي حققها الشعب العراقي، وكان نائب وزير الحرب الأمريكي بول ولفوويتز يلح باستمرار على إدارة بوش الابن صرف النظر عن قضية فلسطين والتركيز على الإطاحة بالنظام العراقي ورسم خريطة جديدة للمنطقة، وبالتالي منح إسرائيل الوقت الكافي لتهويد القدس والضفة الغربية وإبادة الشعب الفلسطيني، ويعتبر المحافظون ولفوويتز الأشد خطراً في إدارة بوش لأنه طالب بتدخل عسكري أميركي في إيران وسورية بعد احتلال العراق، وتبنى الرئيس بوش في عام 2002 خطة ولفووتيز كسياسة رسمية لإدارته, وذلك في الخطاب الذي ألقاه في الأكاديمية العسكرية في وست بوينت،ولعب ديك تشيني, نائب الرئيس, ورامسفيلد وزير الحرب ونائبه ولفوويتس, ومجلس سياسة الدفاع الذي شكله رامسفيلد في عام2001 للقيام بالتخطيط الاستراتيجي الأمريكي العالمي دوراً أساسياً في الحرب على العراق،كما عين رامسفيلد الإسرائيلي الأمريكي ريتشارد بيرل رئيساً له، ويهيمن على المجلس المحافظون من معهد هوفر ومؤسسة التراث، وكان جميع الأعضاء اليهود فيه يضغطون من أجل شن الحرب على العراق, مما دفع بالمفكر الإسرائيلي يوري أفنيري بوصف إدارة بوش واليهود فيها بالشارونيين الصغار وعين الرئيس بوش اليهودي المتطرف آليوت ابرامس, وأحد المتورطين في فضائح الأسلحة كونترا وإيران جيت, مسؤولاً في مجلس الأمن القومي الأمريكي عن شؤون الشرق الأوسط كأخصائي في الأديان وحقوق الإنسان, وبالتالي أصبح يقرر الموقف الأمريكي من الإسلام ومن الحكومات في المنطقة للتدخل في شؤونها وممارسة الضغط والابتزاز عليها باسم حقوق الإنسان لصالح إسرائيل, أسوأ دولة إرهابية وعنصرية واستعمارية في التاريخ البشري.‏
-اختلال التوازن الاستراتيجي بين العرب وإسرائيل في ظل النظام الشرق أوسطي الجديد.
من أهم النتائج المترتبة على الاحتكار النووي الإسرائيلي تهديد الاستقرار الإقليمي الذي تنشده السياسة الأمريكية ذاتها ، فضلا عما ينطوي عليه إخراج القدرة النووية الإسرائيلية من ترتيبات ضبط التسليح ومراقبة مبيعات السلاح، وتطويره وتدمير أسلحة الدمار الشامل من إحداث خلل استراتيجي جوهري في توازن القوى في المنطقة بصورة واضحة لصالح إسرائيل، ويزداد هذا الخلل في ضوء الملاحظات التي تبديها الدول العربية حول أهمية ربط الرادع النووي الإسرائيلي بالإطار العام لمعاهدة الأسلحة الكيماوية، وكذلك البنود التالية:
مايتعلق بتعريف السلاح الكيماوي والمواد الداخلة في إنتاجه والتي تضم عددا كبيرا من المواد ذات الاستخدام المزدوج والتي تحتاج إليها عدة دول عربية في مجالات التنمية الزراعية.
هناك تحفظ لبعض الدول العربية على قضية خطر الأسلحة الناقلة للأسلحة الكيماوية( الصواريخ والرؤوس التقليدية) حيث نصت المعاهدة على منعها ، ذلك أن هذا النص يخدم الهدف الإسرائيلي من واقع أن إسرائيل تمتلك بالفعل هذه الصواريخ ، ولاستطيع الدول العربية التي انضمت إلى المعاهدة أن تبادر لامتلاك هذه الصواريخ .
علاوة على أن أيا من المفاوضات متعددة الأطراف والثنائية وما أسفرت عنه من توقيع اتفاقيات مع الأردن وفلسطين والتطبيع مع دول الخليج والتعاون الاقتصادي ، وإزالة المقاطعة الاقتصادية لم تؤدي إلى تغيير يذكر في العقيدة العسكرية الإسرائيلية، ولم تؤدي إلى تخفيض في ميزانية الدفاع الإسرائيلي التي تبلغ 14%من الإنتاج المحلي الإجمالي الذي يقارب 61 مليار دولار، ففي الوقت الذي توالي إسرائيل التقدم في تأسيس شبكة المصالح والتفاعلات الاقتصادية القائمة على النفط السعودي والأيدي العاملة والسوق المصرية والمياه التركية والعقول الإسرائيلية كما ذكر بيريز لايحدث تعديلا في الإستراتيجية العسكرية الإسرائيلية، بل يضيف إبعادا ومصادر تهديد جديدة وهو ما عبر عنه بيريز آنذاك بقوله( من المستحيل التفكير فقط في الدفاع عن الحدود وإغفال مايجري في الأماكن البعيدة ومن غير المعقول أن يصلنا صاروخا عن بعد ألف كيلو متر بينما نشغل أنفسنا برسم حدود على بعد ثلاثين كيلو متر من مركز وجودنا ، فالمطلوب اليوم ليس حدودا قابلة للدفاع وإنما علينا أن نبني شبكة من العلاقات السياسية يكون بمقدورها تغطية كل مواقع الخطر في شبكة العلاقات العسكرية المجردة)، وتركز بعض الدوائر الغربية والإسرائيلية والعربية على أهمية السلام والتعاون الإقليمي في إطار الشرق الأوسط الجديد في خفض النفقات الباهظة على التسلح وتقليل سباق التسليح، غير أن هناك شكوكا قوية حول حدوث ذلك الاحتمال في ضؤ استمرار إسرائيل في معدلات إنفاقها العسكري السنوي بل وزيادتها، فضلا عن أن الإنفاق العسكري يتزايد على الدوام في الدول العربية ليس فقط لاعتبارات الصراع مع إسرائيل وإنما بسبب المشكلات والصراعات والنزاعات الأخرى والتي من أهمها التوترات الداخلية التي تعاني منها معظم الدول العربية ومضاعفات احتلال العراق وبروز إيران كدولة قوية بالمنطقة، فضلا عن الآثار السلبية بعيدة المدى لتخفيض حجم الإنفاق العسكري على القوات التقليدية في مصر والأردن وسوريا ،ذلك يعني تفوق إسرائيل على سائر البلدان العربية ولاسيما بلدان المواجهة في غياب أي أجراء لنزع السلاح النووي الإسرائيلي ، إذ أن تخفيض الإنفاق العسكري على القوات التقليدية من قبل الدول العربية يعني تجردها من مصدر القوة الوحيدة الذي يحقق لها بعض التعادل مع إسرائيل ، بينما إسرائيل تعتمد في تفوقها العسكري على السلاح النووي والتفوق الجوي كأساس للردع الفعال في النزاع مع إسرائيل. ومما يضاعف من الاختلافات في توازن القوى بين العرب وإسرائيل أن صناعة السلاح في الدول العربية ماتزال متخلفة وغير قادرة على تطوير قدراتها التسليحية ، كما تفتقر إلى النظام ألمعلوماتي المتطور، وان الجانب الأعظم من نظم التسليح العربية يتم استيراده من الخارج وهو أمرا سيئا، في حين تتمتع إسرائيل بتفوق تقني ساحق على الدول العربية في مجال تكنولوجيا تصنيع السلاح وتطويره فهي لاتمتلك فقط رؤس نووية بل قامت بتطوير التقنية لحمل هذه الرؤوس نحو أهدافها .
نخلص من ذلك أن مستقبل النظام الإقليمي في الشرق الأوسط مرتبط تماما بمستقبل مايسمى النظام الدولي الجديد، والعكس صحيح إلى حد بعيد، إذ أن مستقبل هذا النظام يتوقف على مايسمى النظام الدولي الإقليمي الشرق أوسطي، وهو شكل من أشكال السيطرة الامبريالية لاالحاق الوطن العربي بهذه السيطرة وان الأوهام التي تتأسس على التنمية الاقتصادية للمنطقة العربية في إطار هذا النظام ليس لها أساس من الصحة ، فالمشروع الامبريالي واضح ولن يفسح المجال لنشوء منطقة اقتصادية جديدة على غرار جنوب شرق أسيا، فالمنطقة العربية ليست جنوب شرق أسيا وبسبب ميزتها فان أي محاولة للتنمية الاجتماعية والاقتصادية لن تكون في توافق مع مصالح الولايات المتحدة التي تقتضي نهب ثروات المنطقة وإبقائها في حالة من التبعية والتخلف، لذالك فان هذه المرحلة تشكل منعطفا خطيرا بالنسبة لمستقبل الوطن العربي إذ أن الولايات المتحدة تحاول اقتناص الفرصة الدولية وتمريرها لتقوية وجودها بالمنطقة ووضع وإطلاق يدها بالمنطقة بحجة الإرهاب والديمقراطية ولو استرجعنا الماضي لوجدنا مبررات الوجود الأمريكي ، اذ يقول مارتن احد منظري السياسة الخارجية الأمريكية آنذاك(يقع مستقبل الشرق الأوسط بين خيارين لاثالث لهما ، يتمثل الأول في سيطرة المتطرفين الذين يلتحفون بعباءة الدين أو يرتدون بدله الوطنية، ويتمثل الثاني في نجاح إسرائيل من إقامة مصالحة تاريخية تمهد للتعايش لكن مع ضمان مصلحة إسرائيل وحقوقها ، فان الشرق الأوسط سيرى النور)
الاستنتاجات:
إلغاء الهوية القومية للنظام الإقليمي وتحويل إطرافه إلى مراكز هامشية فيه بما يؤدي إلى تقويض أحلام الوحدة العربية كعامل لتنمية الشعب العربي.
1- تدمير الأمن الاقتصادي العربي وتعزيز المصالح الأجنبية عبر تنفذ الشركات متعددة الجنسية خاصة عندما يقتضي الأمر إلى فتح الأسواق العربية لمختلف المنتجات الصهيونية وما يرافقها من تأثيرات في أنماط السلوك والاستهلاك وهذا مايتيح لااسرائيل تحقيق رغبتها في أن تصبح عضوا رئيسيا في الأسرة الاقتصادية العربية.
2- جعل الأطراف العربية تابعة من الناحية السياسية والاقتصادية والاجتماعية إلى مراكز النظام الرأسمالي العالمي .
3- القضاء على جوهر الصراع التاريخي للأمة العربية مع إسرائيل من خلال منح إسرائيل الشرعية الإقليمية وتحويل فلسطين من قاصرة لحركة التحرير العربي إلى ممر وجسر للصهيوني باتجاه الوطن العربي.
4- فصل بلدان المشرق العربي عن مغربه وإعادة تعريف المشرق لكي يشمل مصر ودمج هذا المشرق مع الكيان الصهيوني في منظومة اقتصادية واحدة وفصل العراق عن المشرق ودمجه في منظومة اقتصادية جديدة ليشمل دول الخليج العربي وربما إيران ودمج المغرب العربي في الفضاء الاقتصادي والأمني لبلدان البحر المتوسط.
5-إحداث تكيف للوجود الأمريكي المكلف في المنطقة العربي عن طريق إحداث تسوية سياسية لمشكلة الصراع العربي الصهيوني بما يمهد إلى تحويل منطقة الشرق الأوسط إلى منطقة نفوذ أمريكي وضمان تدفق البترول وبناء إسرائيل المزدهرة وتسليمها القيادة الإقليمية للمشروع الشرق أوسطي بما يقلل من أعباء الدعم المتواصل للخزينة الإسرائيلية.
6-إضعاف الدور العربي إقليميا ودوليا وفرض نوع من الوصاية على الأمة العربية وتحجيم حركتها التاريخية وإعادة رسم المنطقة العربي بما يتلاءم ومصالح القطب الأعظم .
7- عدم فاعلية النظام الإقليمي العربي في معالجة بؤر التوتر والخلافات العربية بعد خلقها وتغذيتها لزعزعة الأمن القومي العربي وتعطيل اتفاقية الدفاع العربي المشترك الأمر الذي دفع بعض الأقطار العربي إلى التحالف مع قوى خارج النظام الإقليمي العربي ضد بعضها البعض بعد أن أصبحت الولايات المتحدة عضوا فعالا ورئيسا موجها.
8-إعادة تشكيل النظام الإقليمي العربي بما يسهل دخول إسرائيل النظام الجديد لكسر عزلتها الإقليمية.
10 - لا ينطلق من حاجات شعوب منطقة الشرق الأوسط، وإنما يملي عليها حلولا جاهزة مسبقا ويعامل دول المغرب، ودول الخليج بنفس المنطق.
11 - دمج المشروع إسرائيل في نسيج الشرق الأوسط الكبير، مع أنه يهدف إلى دمقرطة الشرق لأوسط ، وإسرائيل كما ورد في المشروع هي البلد الديمقراطي الحر الوحيد في الشرق الأوسط الكبير، أي أن إسرائيل ليست بحاجة إلى إصلاح ودمقرطة، فلماذا يتم زجّها في المشروع.
12 - تبني المشروع لسياسة التدخل الخارجي المباشر في شؤون الدول العربية، دون التشاور مع أصحاب الشأن من القوى الحية في العالم العربي، والحكومات، وفقا لمبدأ الإصلاح من الداخل.
13 - تجاوز المشروع للحكومات العربية ومخاطبته الشعوب والمجتمعات بشكل مباشرة.
14 - التعامل بانتقائية مع الإحصائيات والبيانات والحقائق التي وردت في تقريري الأمم المتحدة حول التنمية البشرية العربية، فقد أغفل المشروع التأثير الناتج عن الاحتلال الإسرائيلي والسياسات الأمريكية العدوانية والمنحازة لإسرائيل على البلدان العربية حيث شدد تقرير التنمية العربية لعام 2002 على أن الصراعات الخارجية والنزاعات الداخلية عقبات خطيرة في وجه الأمن والتنمية، وأن أكثرها ضررا هو الاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية الذي يتنكر لأهم الحقوق الإنسانية للفلسطينيين.
الهوامش
1-محمد عرب الموسوي، النزعة العسكرية وحلم إسرائيل في ظل التشتت العربي، مجلة أفاق، العدد الأول ،المعهد العالي لإعداد المعلمين بابي عيسى ، مطبعة الوحدة العربية ، 2000،ص22
2 ) هنري كيسنجر ، ليست القوى العظمى وحيدة ، ايديعوت احرينوت في 4\12\1991 ، نشرته صحيفة السفير اللبنانية في 14\1\1992
3)احمد ثابت ، مخاطر وتحديات المشروع الشرق أوسطي ، فصلية مستقبل العالم الإسلامي، العدد14،1995، ص22
4) Susan Strange The Retreat of the State, Cambridge University press, Cambridge, 1996
5) عزمي الخواجة، التطبيع وإنهاء المقاطعة في الإستراتيجية الإسرائيلية، صحيفة الدستور الأردنية ، عدد82 ،شباط ، 1994.
6 ) بيتروجينان ، ط ، فان ، الشرق الأوسط في مخططات الولايات المتحدة في الثمانينيات ، مجلة دراسات استراتيجية ، مجلد 1 ، بيروت ، 1980، ص38
7) يحيى احمد الكعكي ،الشرق الأوسط والصراع الدولي ، دار النهضة العربية ، بيروت ، 1989، ص99
8) شمعون بيريز ، الشرق الأوسط الجديد ، ترجمة محمد حلمي عبد الحفيظ ،دار النشر الأهلية ، الأردن ، 1994، ص181.
9 ) عمنوئيل فالد ، انهيار نظرية الأمن الإسرائيلية ، دار الجليل للنشر والدراسات والأبحاث ، عمان ، الأردن ، 1992، ص158.
10 ) ارئيل شارون ، إستراتيجية إسرائيل في التسعينيات ، صحيفة ايديعوت احرنوت ،ترجمة صحيفة الشعب المصرية في 7\10\1991.
11 ) شمعون بيريز ، ماذا بعد حرب الخليج ، رؤية عالمية لمستقبل الشرق الأوسط، مركز الأهرام للترجمة والنشر ، القاهرة ، 1992، ص107.
12 ) إبراهيم البحراوي ، ثقافة الصراع الإسرائيلي ، دار الزهراء ،القاهرة،1994، ص38.
13 ) محمد السيد سعد ، نظام الشرق الأوسطي ، صحيفة الحياة الدولية ،بيروت ، 1993
14 ( مجلة السياسة الدولية، العدد، 150، دمشق، 2002،ص112
15 ) صحيفة المجد الأردنية في 15\9\2003
16 ) فؤاد حمدي بسيسو،العلاقات الأمريكية العربية وتوازن المصالح في زمن السلام ، مجلة الأسواق ، العدد 178،1994
17 ( محمد السيد سعيد ، النظام الشرق أوسطي ،صحيفة الحياة في 14\9\1993
18 ) غازي حسين ، الشرق الأوسط الكبير بين الصهيونية العالمية والامبريالية الأمريكية ، منشورات اتحاد الكتاب العرب ، دمشق ، 2005 .
19 ) صحيفة السفير ، بيروت ، في 20\11\1993.
20 ) مجلة الوطن العربي، العدد884، في 11\2\1994.
21 ) مجلة القوة الجوية، دولة الإمارات العربية المتحدة، العدد 67، 1994.
22 ) احمد بهاء الدين ، الإستراتيجية العسكرية الاسرائيليةعام 2000، دار سيناء للنشر، القاهرة،ط1، 1993، ص168
23 ) كلينتون وال كور، رؤية لتغيير أمريكا ،مركز الأهرام للترجمة والنشر ، 1993، ص98
24) صحيفة السفير ، بيروت، في 12\6\1998.